واصلت ملفات الحدود المصرية اشتعالها، فما إن تهدأ جبهة حدودية بأزماتها حتى تشتعل أخرى، وبعد إنهاء أزمة تسليم القاهرة جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر للسعودية، وإقرار تهدئة في ملف مثلث حلايب وشلاتين مع السودان، اشتعلت أزمة واحة جغبوب الليبية، التي يدعي قطاع من المصريين أنها مصرية، الأمر الذي استدعى تحركا ليبيا غاضبا لتأكيد ليبية الواحة، التي تبعد عن واحة سيوة المصرية بـ 125 كيلومترا، في حين تبعد عن طبرق التي تتبعها إداريا 286 كيلومترا، وهي واحة غنية بالبترول.

وينظر القضاء المصري دعوى من أحد المحامين منذ العام الماضي، لمطالبة ليبيا بضم واحة جغبوب لمصر، ويبدو أن قرار دائرة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الخميس قبل الماضي، بتأجيل نظر الدعوى، قد أعاد فتح ملف الواحة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار استياء ليبيا، إذ طالب وزير الداخلية في حكومة الوفاق، إبراهيم بوشناف، مصر رسميا بالتوقف عن المطالبة بالواحة الحدودية، وأشار إلى أن إيطاليا التي كنت تحتل ليبيا انسحبت من واحة سيوة مقابل توقّف مصر عن المطالبة بواحة جغبوب في عشرينيات القرن الماضي.

Ad

وبينما أثار الأمر زوبعة رفض بين نشطاء ليبيا، تبادل نشطاء في مصر صورة كتاب الصحافي الراحل محسن محمد بعنوان "سرقة واحة مصرية" صادر في عام 1980، والذي يرصد فيه بالوثائق والأدلة كيف تواطأ الاحتلال الإنكليزي على مصر مع الاحتلال الإيطالي على ليبيا، من أجل نقل ملكية الواحة إلى الجانب الليبي، وبالتالي تخضع للإشراف الإيطالي، وذلك بهدف مطاردة قوات المقاومة الليبية المتحالفة مع الحركة السنوسية، والتي اتخذت من الواحة مقرا لنشاطها السياسي والعسكري.

ومن أبرز المدافعين عن مصرية واحة جغبوب، خبيرة ترسيم الحدود الدولية، هايدي فاروق، التي سبق أن أثبتت أمام البرلمان المصري مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وقالت إن الواحة مصرية بالكامل، قبل أن تتنازل عنها حكومة أحمد زيور باشا عام 1925، مقابل تنازل ليبيا عن منطقة بير الرملة لمصر، لكن الجانب الليبي لم يلتزم بالاتفاق فيما يتعلق بتسليم منطقة بير الرملة، مؤكدة امتلاكها وثائق رسمية ودولية تثبت الحق المصري.

من جهته، قال أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، عاصم دسوقي، إن الواحة كانت مصرية، لكن مع وقوع مصر وليبيا تحت الاحتلالين البريطاني والإيطالي، انتقلت عملية ترسيم الحدود بين البلدين إلى لندن وروما، وتم توقيع اتفاقية في ديسمبر 1925، نصت على انتقال الواحة إلى الجانب الليبي، مع ترسيم الحدود بين البلدين، وهو الأمر الذي تم في غيبة القرار المصري، بسبب إشراف البريطانيين والإيطاليين على رسم الحدود بما يحقق مصالحهما الاستعمارية، ودون النظر إلى المصلحة المصرية.