مضى وقت طويل جدا لم أنشر فيه أي مقال، ويحسب للحكومة نجاح مشروعها ببث الملل واليأس في داخلي- لفترة كما أتمنى- وعاونهم في هذا قصر النظر الموجود لدى عدد لا يستهان به من المواطنين تجاه كل القضايا، وآخرها قضية الشهادات المزورة.الغريب في الموضوع ليس انتشار خبر وافد واحد يزور الشهادات لمئات المواطنين، بل الغريب هو الصدمة المصطنعة بين آلاف المهتمين، وكأننا لم نقرأ لسنوات إعلانات الدكاكين التعليمية وعلى رؤوس الأشهاد في الشوارع وعند الإشارات المرورية، وكأننا لا نعرف أشخاصاً ممن حولنا يذهبون سنويا لانتهاء دراستهم «بخشم الدينار» ويتحدثون عن ذلك علناً، بل أصبح الموضوع أكثر «مصاخة»، فنرى من القيادات والنواب والوزراء من يأتي بشهادات الماجستير والدكتوراه وهم على رأس عملهم دون أن نعرف كيف ومتى.
الصدمة المصطنعة هي استمرار لحالة النفاق المجتمعي الذي يعتقد أنه ما زال يعيش في كويت التطور والنهضة والبناء، وهي مرحلة مرت على بلدنا العزيز، وانتهت قبل سنوات طويلة، عندما اختلط حابل السياسة بنابل الوظائف، والمضحك أكثر أن الصحف قد أثارت موضوع الشهادات نفسه قبل سنوات دون صدىً يذكر.يحتوي علم الجريمة على نظرية تسمى «نظرية النافذة المكسورة أو المحطمة»، تتلخص هذه النظرية في أن وجود نافذة مكسورة في مكان عام لفترة طويلة يعطي الناس انطباعا أنه من المقبول كسر النوافذ، وسيؤدي كسر النوافذ إلى مزيد من الكسر للمتلكات الخاصة والعامة، وقد يؤدي إلى السرقة بسبب عدم وجود النوافذ، وسيزيد من الفوضى والجرائم في المجتمع بشكل عام. باختصار، كل المشاكل والجرائم الكبيرة بدايتها تكون بسيطة وتافهة، ومشكلة الشهادات ليست استثناء من النظرية، فابحثوا عن الشرارة التي أشعلت الفساد.
مقالات - اضافات
الشهادات... لمَ الصدمة؟
28-07-2018