بعد تعليق السعودية إمدادات النفط التي تمر عبر مضيق باب المندب، بانتظار تأمين دولي له، عقب تعرُّض ناقلتي نفط عملاقتين لاعتداء حوثي بالمياه الدولية قربه، دخل الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة، وأكد ضرورة ضمان حرية الملاحة والتجارة الدولية في الممر المائي الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال متحدث باسم الاتحاد، أمس، إن "استهداف السفن التي تمر بمضيق باب المندب يشكل تهديدا للتجارة العالمية، ويصعد التوتر في المنطقة". وشدد على أن الاتحاد يراقب عن كثب تطور الأحداث في أعقاب الاعتداء الذي وقع قبالة ميناء الحديدة اليمني الخاضع لسيطرة المتمردين.

Ad

ولفت المتحدث إلى أن التكتل الأوروبي شدد في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في يونيو الماضي على أهمية ضمان حرية الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر.

وأضاف أن الوزراء دعوا جميع الأطراف المعنية في أزمة اليمن إلى التوقف عن اتخاذ إجراءات من شأنها أن تقوض جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، مشددين على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية.

وفي وقت سابق، دانت وزارة الخارجية التركية الهجوم الحوثي، ودعت إلى الامتناع عن الأعمال الاستفزازية التي تهدد الأمن البحري "وقد تزيد من تصاعد التوتر القائم في المنطقة"، كما دانت عدة دول عربية وإسلامية الاعتداء.

غريفيث والحوثي

في غضون ذلك، أفادت مصادر لقناة العربية، بأن المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث غادر صنعاء أمس، بعد سلسلة اجتماعات مع المتمردين شملت زعيم جماعة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، دون أن ينجح في إقناع المتمردين بتسليم مدينة وميناء الحديدة "دون شرط".

ورأت المصادر أن مهمة غريفيث الهادفة لمنع اندلاع حرب شوارع قد تهدد عمل ميناء الحديدة الذي تدخل منه أغلب إمدادات الطاقة والغذاء للبلاد باتت في "مهب الريح".

من جهته، أكد زعيم "أنصار الله"، أمس الأول، تعاطي جماعته بـ"إيجابية" مع مساعي غريفيث، للوصول إلى حل سلمي شامل، في البلاد التي تعاني الصراع المسلح منذ حوالي أربعة أعوام.

وشدد الحوثي خلال اجتماعه بالمبعوث الأممي للمرة الثانية منذ تولي الأخير مهمته، على "أهمية البدء بالخطوات ذات الطابع الإنساني، لأهميتها في المساعدة على الوصول إلى حل سياسي، كملف الأسرى والمعتقلين، وغيرها من القضايا التي تمس حياة الشعب اليمني"، متهما التحالف بـ"التعنت، وعدم قبول المبادرات السياسة لإنهاء الصراع".

وأشار إلى أهمية "أن تحافظ الأمم المتحدة على توازنها وتعاطيها المسؤول في قضية العدوان على اليمن، وأن تقوم بدورها وفقا لمواثيقها الأممية بعيدا عن أي انحياز".

ووصل المبعوث الأممي إلى صنعاء الأربعاء الماضي، لإجراء مباحثات مع الحوثيين، في محاولة لاستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة والمتمردين، ووقف التصعيد المسلح بالحديدة.

وأكد الناطق باسم "أنصار الله"، محمد عبدالسلام، أن جماعته مستعدة للحوار، مع هادي بصفته شخصية سياسية يمنية، وليس بصفته رئيسا للجمهورية، معتبرا أن شرعيته أصبحت جزءا من الماضي، كونها تستند للمبادرة الخليجية، التي انتهت.

تدمير وغارات

إلى ذلك، أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، أمس، تدمير غرفة عمليات عسكرية للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران داخل مقر الشرطة العسكرية في الحديدة.

وجاء التطور في وقت شنت طائرات التحالف سلسلة غارات استهدفت مواقع وتعزيزات للحوثيين في مدينة زبيد بالحديدة والأطراف الجنوبية للمدينة.

وذكر سكان أن مقاتلات التحالف شنت أكثر من 15 غارة جوية على مقر الشرطة العسكرية بمدينة الحديدة ومواقع متفرقة في مديريات زبيد والزيدية والدريهمي.

وأضافت المصادر، أن الغارات هي الأعنف على الحديدة منذ بدء تصعيد العمليات العسكرية فيها، حيث هزت انفجارات عنيفة المدينة، وشوهدت ألسنة اللهب تتصاعد من على المواقع المستهدفة.

ويسيطر الحوثيون على مدينة وميناء الحديدة وأجزاء واسعة من المحافظة، في وقت أوقف التحالف وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي حملة عسكرية لانتزاع المدينة والميناء من قبضة المتمردين لإفساح المجال أمام جهود غريفيث لإقناع الحوثيين بالانسحاب من الحديدة.

خنادق وسواتر

من جانب آخر، يحاول سكان مدينة الحديدة التأقلم مع الخنادق والحواجز التي نصبها مسلحو جماعة "أنصار الله" الحوثية في الشوارع والطرقات الرئيسة بالأحياء الجنوبية للمدينة.

لكن أسلوب الحياة الجديد فرض على أكثر من 600 ألف شخص يسكنون المدينة واقعا جديدا، أصبحوا فيه مقيدين في أحيائهم، بعد أن قطّعت تلك الحفريات والحواجز أوصال المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.

وقال سكان في المدينة إن الخنادق والحواجز الأسمنتية والسواتر الترابية عقّدت حياتهم، وباتت الحركة في المدينة ثقيلة، رغم حالة النزوح الكبيرة منها.