«عاش هنا»... مبادرة مبتكرة لتوثيق بيوت المبدعين في مصر
• لافتة تحكي التاريخ والسيرة والإنجازات
«عاش هنا» مبادرة مبتكرة للجهاز القومي للتنسيق الحضاري في مصر، تهدف إلى توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها المثقفون والأدباء والشعراء وأشهر الكتّاب والفلاسفة والعلماء والفنانين والموسيقيين، والشخصيات التاريخية التي أسهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في العالم العربي عموماً ومصر خصوصاً.
تقوم مبادرة «عاش هنا» على وضع لافتة على منازل المبدعين الراحلين في مصر تحمل نبذة مختصرة عن أهم أعمالهم ومسيرتهم وإنجازاتهم، وربطها بالتقنيات الحديثة لتصبح أجهزة لوحية متطورة. ويُعد هذا المشروع توثيقاً مهماً للأجيال المقبلة. في هذا السياق، قال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، إن الجهاز انتهى من تصميم مئة لافتة من مشروع «عاش هنا»، من بينها لافتات لنجيب محفوظ وسيد حجاب وفؤاد حداد وعمار الشريعي ونجيب الريحاني وغيرهم، مشيراً إلى أن هذه اللوحات إرشادية تتضمن تاريخ ميلاد كل فنان ووفاته، مع كيفية تطبيق استخدام QR، الذي يمكن من الدخول إلى قاعدة بيانات البيت والشخصيات التي عاشت فيه.وأضاف أبو سعدة أن فكرة المشروع بدأت العام الماضي مع مشروع «حكاية شارع» بهدف الحفاظ على التراث المعماري وتوثيق الأماكن التي عاشت فيها شخصيات أثّرت في المجتمع، وقد تقرر البدء في تنفيذ «حكاية شارع» ليكون امتداداً لرؤية الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في الحفاظ على التراث العمراني والمعماري المتميز، وعلى التراث الثقافي ضمن مبادرة «تراثنا هويتنا فلنحمه معاً» ودوره في العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المعاصر. كذلك أوضح أن جداريات أنشئت لبعض الشوارع في مدينة الاسكندرية تحمل حكايات نادرة وممتعة، وكثيراً من التفاصيل التي تتوارى خلف كل شارع. وذكر: «تلك التفاصيل والنوادر والحكايات يمكن أن تشكل عامل جذب للمجتمع المتعطش للتعرف إلى تاريخه القومي، ويمكن أن نستثمرها في تعزيز الوعي لدى الأجيال المقبلة».
عاشوا هنا
أما مشروع «عاش هنا» فيهدف إلى توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانون والسينمائيون، وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء، والشخصيات التاريخية التي أسهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية عبر تاريخ مصر الحديث.وعن آلية تفعيل المشروع الثاني، أوضح أن المجلس سيشرف على وضع لافتات على كل مبنى عاشت فيه شخصية مؤثرة، تبين الاسم ونبذة مختصرة عن أهم الأعمال والتاريخ الفني، ما يساعد في نشر الوعي والمعرفة بتاريخ الشخصيات والمباني المهمة على مستوى الجمهورية.خطوة مهمة
من جهته، أشاد مدير عام البحوث والدراسات الأثرية في وزارة الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان بمشروع «عاش هنا»، مؤكداً أنه خطوة رائدة لتخليد ذكرى كل من أثّر في تاريخ مصر وترك بصماته باعتباره جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة مصر الحديثة والمعاصرة.وطالب الدكتور ريحان باستكمال هذا المشروع أولاً بتسجيل هذه المباني ضمن المباني التاريخية طبقاً للقانون الخاص بتنظيم هدم المنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، وثانياً بالبدء في تحويلها إلى متاحف لهؤلاء الأشخاص تشمل مقتنياتهم ومتعلقاتهم، وإعادة توظيفها ثقافياً بأنشطة وزارة الثقافة المختلفة وسياحياً بفتحها للزوار.ورأى الدكتور ريحان أن مجرد وضع لافتة تشير إلى أن إحدى الشخصيات المهمة كانت تعيش في مبنى ما يلفت الأنظار إلى الأخير: هل هو عمارة سكنية حالتها سيئة، أو هل ثمة إشغال حكومي له، أو محلات أو ورش تمثل تعدياً عليه، وهل يجب تسجيله ضمن المباني التاريخية، ما يكشف مدى التفريط في الحفاظ على تاريخ مصر وذاكرتها الحديثة والمعاصرة.وأشار الدكتور ريحان إلى أن المباني التراثية في مصر هي منشآت ذات طراز معماري متميز أو مرتبطة بالتاريخ القومي، أو بشخصية تاريخية أو تمثل حقبة تاريخية أو تعتبر مزاراً سياحياً مهدداً بالاندثار جراء التعدي عليه وإهماله، وقد تحول معظمها إلى أماكن مهجورة، خصوصاً في منطقة حلوان لعدم وجود آلية لتسجيل المباني التراثية ليتضمنها القانون وترك الأمور مفتوحة للتسجيل في أي وقت حتى تتلاشى هذه المباني تماماً أو يحصل أصحابها على تصريح بهدمها.لوائح منظمة
طالب مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي في وزارة الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان، بتفويض الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بصلاحيات أكثر، واعتماد ميزانية خاصة وكافية له وتنظيم لوائح جديدة تمكنه من الإشراف على المباني التراثية وحمايتها وترميمها وتطويرها وفتحها للزيارة، فضلاً عن وضعها كمواقع مهمة على خارطة السياحة المحلية والعالمية، وتحويلها إلى معاهد ومتاحف لنشر الثقافة والوعي الأثري والسياحي والعمراني والحضاري.
عبد الرحيم ريحان: المبادرة خطوة رائدة تسهم في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر والعالم العربي