في حين يمر السوق العقاري بالعديد من المتغيرات خلال السنة الواحدة، بفعل العديد من العوامل، التي تعمل على تغير أشكال الطلب والعرض، تقابل ذلك إجراءات يتخذها مالكو العقارات لتتماشى مع تلك المتغيرات، لئلا تتأثر إيرادات عقاراتهم.ويشهد القطاع العقاري الاستثماري في فصل الصيف بالتحديد، موجة متغيرات بفعل سفر العديد من الوافدين المشغل الرئيسي لتلك العقارات، إضافة إلى رغبة العديد منهم في تغيير مساكنهم والبحث عن إيجارات أقل قيمة، إذ ترتفع خلال العطلة الصيفية نسبة الشواغر في الشقق، وتظهر العديد من الظواهر مثل التأجير في الباطن.
وعادة ما يتخذ مالكو العقارات إجراءات عديدة لمواجهة ارتفاع نسبة الشواغر خلال تلك الفترة، بهدف استقطاب المستأجرين، منها منح شهر مجاني للمستأجرين خلال فترة سفرهم في الخارج، مقابل إبقاء عقد الإيجار وعدم فسخه.وكان القطاع الاستثماري شهد منذ بداية العام الحالي جملة تسهيلات عديدة منحها مالكو العقارات للمستأجرين، وسط كثرة المعروض وانخفاض الطلب، تتمثل في منح مواقف سيارات خاصة للمستأجرين، وتوفير إنترنت للعمارة وتسهيلات أخرى، إضافة إلى تخفيض جزء من قيمة الإيجار.
استيعاب السوق
وأصدر اتحاد العقاريين في وقت سابق تقريراً بين فيه أن هناك 49.1 ألف شقة خالية و26.4 ألف شقة أخرى قيد الإنشاء في القطاع الاستثماري، مما يشير إلى وجود ما يزيد على 75 ألف شقة تحتاج إلى استيعاب من جانب السوق، مما قد يستغرق بين 4 و5 سنوات مقبلة.وأوضح تقرير «العقاريين» أن نسبة الشَّغل في القطاع الاستثماري بلغت 86.8 في المئة بانخفاض 8.2 في المئة عن نسب الشَّغل، التي كانت تحقق على مدى السنوات الخمس الماضية، التي كانت تبلغ 95 في المئة، كما تراجع متوسط الإيجار الشهري وفقاً لتلك البيانات من 278.9 ديناراً إلى 242 ديناراً شهرياً بنسبة 13.2 في المئة.وتشير العديد من التقارير والتوقعات إلى أن القطاع العقاري الاستثماري سيعاني خلال الفترة المقبلة إذا استمر الوضع الحالي كما هو من نسبة شواغر عالية في شغل الشقق، بسبب العديد من العوامل، التي ساهمت بذلك يمكن حصرها في ثلاثة عوامل.نسبة الشواغر
أول العوامل هي السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة، إذ رفعت العديد من الرسوم على الوافدين، ورفع الدعوم عن العديد من المحروقات والمواد والخدمات، نتج عنها هجرة معاكسة، فالوافدون هم الفئة الأكبر التي تقطن الشقق في العقارات الاستثمارية. وفيما يخص ثاني العوامل التي أدت إلى زيادة نسبة الشواغر في «الاستثماري» هو دخول عدد كبير من العقارات على خط المنافسة، إذ تم تشييد الكثير من العقارات، ما أدى إلى زيادة المعروض مع انخفاض الطلب من المستأجرين.أما العامل الثالث، فهو مخالفة عدد كبير من العقارات الاستثمارية لقوانين وأنظمة البناء، إذ إن النسبة الأكبر من العقارات الاستثمارية تعتبر مخالفة لأنظمة البناء، وتم تقسيم الشقة الواحدة لأكثر من شقة، بهدف استيعاب أكبر قدر من المستأجرين، مما ساهم في زيادة المعروض، وأصبحت هناك شقق لا تجد المستأجرين.التأجير في الباطن
ويعاني القطاع العقاري الاستثماري العديد من الظواهر السلبية، وعلى سبيل المثال لا الحصر التأجير في الباطن، إذ يؤجر قاطنو الوحدات السكنية، شققهم المفروشة مقابل دفع قيمة الإيجار، بهدف عدم تحمل الإيجارات خلال فترة السفر، مع الحفاظ على حقهم للسكن في الشقة عند عودتهم من السفر، وتخلق تلك الظاهرة فوضى في السوق العقاري وخصوصاً في العقارات الاستثمارية، إذ يتم التأجير بعض الشقق على العزاب على الرغم من وجود عوائل في العمارة.وللتأجير في الباطن سلبيات كثيرة على القطاع الاستثماري والعقاري بشكل عام، إذ تؤثر تلك الظاهرة على نشاط وأداء الشقق الفندقية، إذ إن هناك عدداً كبيراً من الوافدين يجلبون أسرهم للعيش معهم خلال فترة معينة عن طريق نظام «الزيارة»، ويفضلون تأجير الشقق في الباطن فقيمة تأجير الشقة في الباطن أرخص بكثير من قيمة الشقة الفندقية.وأيضاً تعتبر الدولة متضررة من تلك الظاهرة التي تنتعش خلال فترة الصيف، فمن المفترض أن معدلات استهلاك الكهرباء والماء تنخفض خلال الفترة المذكورة لكن الواقع يقول العكس، فمعدلات الاستهلاك تبقى على مستويات متقاربة، بسبب التأجير في الباطن.تطوير العقارات
إلى ذلك، أكد عدد من العقاريين أن نسبة الشواغر التي يعانيها القطاع الاستثماري، التي بلغت نسبتها 13 في المئة تقريباً، ستعمل بالتأكيد على تباطؤ تطوير المزيد من العقارات الاستثمارية، إذ إن المستثمرين يراقبون وضع السوق عن كثب.وأوضح هؤلاء أن نسبة الشواغر العالية تنحصر في العقارات غير المرغوبة وسيئة التشطيب والموقع، أما العقارات المميزة، فنسبة الشغل فيها عالية، ولا تعاني مشكلات، موضحين أنه لا يوجد أمام ملاك العقارات الاستثمارية في الوقت الحالي سوى تقبل ذلك وتخفيض الإيجارات، والعمل على توفير الخدمات والتسهيلات أمام المستأجرين لجذبهم.وأفاد العقاريون بأنه في ظل المعطيات الحالية، يجب على الملاك التفكير جدياً في تحسين أوضاع عقاراتهم، وتوفير كل الخدمات والتسهيلات وتخفيض الإيجارات لجذب المستأجرين، فالبقاء للأفضل، موضحين أن الملاك يجب أن تكون لهم نظرة مستقبلية للسوق، فالقطاع العقاري كغيره من القطاعات الأخرى، يمر بدورات اقتصادية، قد يرتفع أو ينخفض، ولابد من أن تكون هناك سياسات للتعامل مع تلك الدورات لئلا تتأثر إيراداتهم.