مصر / الحياة تعود إلى العريش رغم «الحرب على التكفيريين»
الدراسة استؤنفت والسلع متوافرة وخُففت القيود على الحركة
عادت الحياة تدريجياً إلى العريش، عاصمة شمال سيناء، حيث يخوض الجيش المصري حربا على "التكفيريين"، بعد الاعتداءات الدامية التي استهدفت المنطقة؛ وسائل مواصلات عامة تعود الى العمل، وطلاب يعودون إلى جامعاتهم، وسوق عامرة بالخضراوات والفواكه.وفي أول رحلة ينظمها الجيش لوسائل إعلام غير مصرية الى العريش منذ بدء "العملية الشاملة" بشمال سيناء في التاسع من فبراير الماضي، تمكنت مجموعة من الصحافيين من التجول في نقاط عدة في المدينة التي لا يزال العديد من شوارعها وميادينها يشبه ساحة حرب، حيث تنتشر الحواجز الرملية والإسمنتية والكتل الحجرية لمنع المرور.ولا تزال العملية العسكرية مستمرة في شبه جزيرة سيناء، وتستهدف القضاء على الإسلاميين المتطرفين المسلحين أو "التكفيريين"، كما يسميهم الجيش المصري في بياناته. وأسفرت العملية حتى الآن عن مقتل أكثر من 200 من "التفكيريين" وما يزيد على 30 جنديا، بحسب أرقام الجيش.
بدأت هذه العملية بعد قرابة ثلاثة أشهر من هجوم على مسجد قرية الروضة بمنطقة بئر العبد الواقعة على بعد أربعين كيلومترا من العريش، أوقع أكثر من 300 قتيل من المدنيين، وهو أسوأ اعتداء شهدته مصر في تاريخها الحديث.ومنذ إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين في يوليو 2013، تدور مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات إسلامية متطرفة في شمال سيناء أوقعت مئات القتلى.ويؤكد أهالي العريش أن تحسنا واضحا طرأ على حياتهم اليومية منذ أكثر من شهر، بعدما تأثرت الى حد بعيد بالتطورات الأمنية، فأقفلت المدارس والجامعات، ومنع المرور في العديد من الشوارع وتراجعت حركة المواصلات، بسبب القيود التي فرضت على شراء الوقود.وتقول الطالبة في السنة الرابعة بكلية التربية آلاء عبدالعاطي (21 عاما) بحماس، وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها، "عدنا للدراسة في 21 يونيو، بعد ان أغلقت الجامعة منذ التاسع من فبراير"، مضيفة "عودة الدراسة الى جامعة العريش أعادت الحياة إلى المدينة".ويقول قائد رفيع في الجيش المصري للصحافيين: "الحياة بدأت تعود الى أوضاع شبه طبيعية في العريش" التي يقطنها قرابة 225 ألف شخص، "بعد التحسن في الوضع الأمني".ويشرح ضباط في العريش لـ "فرانس برس" انه تم تخفيف الإجراءات الصارمة التي فرضت قيودا على الحركة في المدينة مع بدء العملية الشاملة. ويضيفون أنه اصبح مسموحا الآن الخروج من العريش أيام الخميس والجمعة والسبت دون اشتراط الحصول على تصريح أمني مسبق، كما كانت الحال من قبل. غير أن الوقود ما يزال مقننا ويوزع بنظام الحصص، منعا لوصوله الى "التكفيريين"، وفق هؤلاء الضباط.وأوضح محافظ شمال سيناء، اللواء عبدالفتاح حرحور، لدى استقباله الصحافيين أن القيود المفروضة على الوقود تهدف الى "تقليل تحركات التكفيريين" الذي يستخدمون سيارات الدفع الرباعي والدراجات البخارية في تنقلاتهم.وأكد أن تخفيف القيود الأمنية ترافق مع خطة لتنمية شمال سيناء تنفذها السلطات وتهدف الى تحسين الخدمات في مجالات الصحة والإسكان والتعليم وتطوير قطاعي الصناعة والحرف اليدوية.في سوق الخضار، يعبّر باسم، وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره يبيع الخضراوات عن ارتياحه لعودة الحركة الى السوق.ويقول: "أصبحت السلع متوافرة منذ شهر رمضان (منتصف مايو)، لكنها تصل احيانا متأخرة بسبب التفتيش عند الحواجز على الطريق" الرئيسة المؤدية الى العريش.وتقول الطالبة في كلية التربية، عبير، التي أنهت مثل زميلتها لتوها أحد امتحانات نهاية العام لدى خروجها من جامعة العريش: "مع عودة الدراسة، عادت وسائل المواصلات العامة، ولم تعد هناك طوابير تنتظر للحصول على مواد غذائية كما كان الأمر" من قبل.ويبدي الطالب محمد علي (22 سنة) سعادته بإمكان التوجه الى البحر بعد طول انقطاع.ويقول: "عند بدء العملية الشاملة كان هناك تضييق، وكان الخروج من المنزل صعبا، وأغلقت أماكن كثيرة مثل شاطىء البحر.. الآن كل السلع متوافرة، وأصبح بإمكاننا الذهاب الى البحر وهو متنفسنا الأساسي".وتمت الشهر الماضي إعادة فتح حمام السباحة الأولمبي في المدينة. وكان صبية وفتيات تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة يتدربون فيه على السباحة.وأكدت سالي الحسيني، المسؤولة عن الأنشطة الرياضية في نادي العريش أن "الحياة بدأت تدبّ تدريجيا. سنحتاج الى وقت لكي تعود العريش الى ما كانت عليه، ولكنني متفائلة. ونحن باقون فيها لأننا نحبها".