تشمل المكتشفات الأثرية الأخيرة في مدينة صيدا اللبنانية أبراجاً نصف دائرية بارزة متباعد بعضها عن بعض مسافة 55 متراً تنتمي إلى تحصينات دفاعية عُثر عليها في جنوبي موقع الفرير وتعود إلى العصر الإسلامي، وقد أظهرت الدراسات أنها استخدمت لفترة قصيرة وهجرت خلال الفترة المملوكية ليعاد تصميم المساحة الداخلية لها كمخزن.

في هذا السياق، أعلنت رئيسة البعثة البريطانية الدكتورة كلود سرحال، في حديث إلى «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه «إلى جانب هذا الاكتشاف وغيره من مكتشفات أثرية يلفظها باطن أرض صيدون القديمة، فإن أهم استنتاج توصّل علماء الآثار إليه بعد 20 عاماً من التنقيبات الجارية في الموقع والمتلازمة مع بحوث مكثفة، أن أصل اللبناني الحالي متصل وبشكل مباشر بالكنعانيين، وذلك بناء على فحوص الحمض النووي التي أجريت أخيراً في بريطانيا من مدافن الكنعانيين ومقارنتها مع فحوص مماثلة للبنانيين حاليين».

Ad

رحلة مع التاريخ

ولفتت سرحال إلى أن الأعمال الجارية لبناء متحف صيدا الأثري على الموقع، ستتيح في المستقبل حماية هذه المكتشفات، وإبراز التسلسل الطبقي لصيدون القديمة وتاريخها الذي يعود إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد حتى العصور الوسطى، ليكون بمنزلة منظار يدخل من خلاله الزائر إلى هذه الحقبات ويذهب في رحلة تؤكد غنى تاريخ صيدون وتنوّعه.

وأوضحت أن «مكتشفات موقع الفرير منوّعة وكثيرة وغنية وعالمية، والمتحف يُبنى، ولكن الإنجاز بعد عمل 20 سنة على هذا الموقع جاء جواباً عن سؤال: ما هو أصلناً ومن أين أتينا؟ ونحن أجبنا على مرحلتين:

الأولى عملية التنقيب على الأرض حيث رأينا أن لدينا هذه الحضارات والطبقات التاريخية المتسلسلة التي تعود إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد وتنتهي عند القرون الوسطى، معنى ذلك أن سكان صيدا لم يتركوا أرضهم. أما المرحلة الثانية فكانت للتأكد مما رأيناه، وهي فحوص الحمض النووي التي أجريت العام الماضي في بريطانيا. هذه البحوث استعانت بمدافن الكنعانيين في صيدا، بلغ عددها 170 مدفناً. من خلال ذلك كله استنتجنا أننا لم نترك الأرض منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد. مرت شعوب كثيرة لكن سكان الأرض حافظوا على بلدهم وأرضهم، ومعنى ذلك أن لدينا نحن كلبنانيين أساساً واحداً».

وأكدت أن «هذا المتحف سيكون شاهداً لكل هذه المكتشفات والطبقات التاريخية، ليتسنى للجميع التعرف إلى التاريخ والآثار ومكتشفات الأرض».