ردّ واسيني الأعرج الاعتبار إلى مي زيادة في ندوة أقيمت له في القاهرة أخيراً على هامش حفلة توقيع كتابه «مي.. ليالي إيزيس كوبيا» وقال إن رغبته في الدفاع عن التاريخ الغامض والمخفي في حياة الروائية اللبنانية هو الدافع وراء كتابته هذه الرواية، وتابع: «أحسست بأن مي تشعر بظلم كبير وتتمني من ينبش في تاريخها لإنصافها»، واستطرد: «تأثرت بسؤال طرحته مي «متى يأتي من ينصفني؟»، فشعرت بأنني المعني بهذه الجملة، وقلت لزوجتي سأتصدى لهذه القضية. وعندما قرأت سيرتها الذاتية أصابتني الدهشة، إذ قيل إنها أصيبت بالجنون في آخر حياتها.

وأكد واسينى الأعرج: «عندما قرأت سيرتها رأيت كيف استكثر المجتمع على المرأة أن تنجح، وتألمت كثيراً مما حدث لها وكنت أشعر بكل ضربة وكأنها موجهة إلى رأسي».

Ad

وتابع: «عندما قررت أن أكتب الرواية رحت أبحث في مرض مي زيادة واكتشفت أموراً أذهلتني، وكلما فتحت باباً انفتح أمامي عدد من الأبواب، منها استضافتي في الجامعة الأميركية في لبنان لمدة 10 أيام».

وأضاف: «الرواية من هذا النوع هي منتهى المتعة بالنسبة إليّ، خصوصاً عندما تضع نفسك محل الكاتب أو المبدع. والتقيت عدداً كبيراً من أقاربها، الذين ساعدوني في تفاصيل الرواية»، مشيراً إلى أنه قصد زيارة مستشفى المرضى النفسيين حيث أمضت مي فترة من حياتها، ولكن مُنع من هذا الأمر، لأنها بيعت».

رد اعتبار

كشف الأعرج أن مي زيادة كانت تحبّ جوزيف زيادة ابن عمها، وعندما حصل على منحة دراسية في فرنسا سافر إلى باريس، فأصيبت بأزمات كثيرة سافرت بعدها إلى مصر ولم تعد إلى لبنان إلا في آخر حياتها.

وأكّد أن جبران خليل جبران مرّ في حياتها ولم يكن معشوقها كما كان يقال، وأوضح: «أعدت قراءة الرسائل، ولم أجد الحب القوي كما قيل، بل اقتصر الأمر على مشاعر الإعجاب، وعندما مات انكسرت تماماً، فأرسلت رسالة إلى ابن عمها بالفرنسية قالت له فيها: أرجوك أنقذني. وكانت زوجته قد ماتت، فجاء لرؤيتها وكتبت ثروتها باسمه بكل سذاجة، وأدخلت إلى المصحة العقلية وتخلى عنها معظم أصدقائها، فيما كان أمين الريحاني أهم من وقف إلى جوارها وكتب كتاباً انفرد فيه بنشر وثائق كثيرة أسهمت في تخفيف معاناتها، إذ تدخل ملك الأردن وطلب إنهاء مأساتها.

وبعد تداول القضية في المحاكم، طلب إليها القضاة أن تلقي محاضرة في الجامعة الأميركية، حضرتها مجموعة من المحامين والقضاة، وفيها لم تتحدث عن معاناتها، بل عن دور الكاتب العربي اليوم، لمدة ساعة ونصف الساعة، فجاء حكم القاضي على شكل سؤال قال فيه: «من أحضر هذا العقل إلى المستشفى هو المجنون». وقرَّر القضاة الإفراج عنها.

قالت مي زيادة ذات يوم: «لدي قبران لم يضع أحد عليهما الزهور»، وهما لأبيها وأمها. ويُقال إن عميد الأدب العربي طه حسين أراد أن يزورها فاعتذرت إليه بأدب، كذلك ذهب العقاد إلى بيتها ولم تستقبله بحفاوة، وكتب سلامة موسى كلاماً عنها معظمه غير حقيقي، منه إصابتها بالجنون وأنها تمشي بملابس متسخة، إلى أن توفيت ذات ليلة متسممة كما قيل.

الرواية التاريخية

قال واسيني إنه لم يكن يتصوّر أن رواية «مي.. ليالي إيزيس كوبيا» التي توثق حياة الروائية اللبنانية ستنجح باعتبار أنها تاريخية وتمثِّل نوعاً من الروايات المكروهة للقراء. حتى أن الفرنسيين يطلقون على الرواية التاريخية بالمجحفة لأنها لا تعترف بالجهد الذي يبذله الكاتب فيها، موضحاً: «إذا لم تستطع الرواية التاريخية أن تجيب عن أسئلة الحاضر فلا أهمية لها».

ورأى الكاتب الجزائري أن الرواية تمثِّل بالنسبة إليه متعة، لأنها تبحث عن الحقيقة الغائبة، فلا متعة من دون استكشاف وطرق الأبواب المغلقة.