معرض الفنّ المعاصر «أطوار العمران»... تناغم بين التاريخ والحداثة
• فنّانون من لبنان والمكسيك يقاربون البعد الاجتماعي للزمن والتطوّر
تحت رعاية وزارة الثقافة في لبنان ومكتب «اليونسكو – بيروت»، ينطلق في 22 سبتمبر المقبل معرض الفنّ المعاصر «أطوار العمران» (يستمر حتى 22 أكتوبر) الذي يستضيفه كلّ من معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس الذي صمّمه المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيميير، وقلعة طرابلس التاريخية، ويستوحي أعماله من أهمية عَجَلة الزَّمن واندثار الحضارات وأطوار العمران في كلا الموقعين، وهو من تنظيم «بيروت متحف الفن» (BeMA) ومنصة STUDIOCUR/ART، في ثاني تعاون فني بينهما.
معرض الفنّ المعاصر «أطوار العمران» تتويج لـ18 شهراً من العمل شملت تبادلاً ثقافياً بين لبنان والمكسيك ومشاركة وجهات نظر ومقاربات حول موضوع المعرض الذي يضمّ 18 مشروعاً، بينها ثمانية أعمال فنية مفوضة وعشرة أعمال أنجزها فنّانون من لبنان والمكسيك، تحت إشراف مؤسسة منصة STUDIOCUR/ART القيَمة كارينا الحلو. يشارك في المعرض فنّانون لبنانيّون ومكسيكيّون هم: إدغاردو أراغون، وعلي شرّي، وجوزي دافيلا، وجوانا هادجيثوماس، وخليل جريج، ولمياء جريج، وفريتزيا إيريزار، وجورج منديز بلايك، وداميان أورتيغا، ومروان رشماوي، وغبريال ريكو، وستيفاني سعادة، وروي سماحة، وجلال توفيق، وزاد ملتقى، في معرض رشيد كرامي الدولي. ريان ثابت، وهايغ إيفازيان، وإيمانويل توفار، وبابلو دافيلا في قلعة طرابلس التاريخية.يذكر أن هياكل معرض رشيد كرامي الدولي المؤلفة من 14 بناءً، بُنيت جزئياً عام 1974 قبل أن تعوق الحرب اللبنانية عملية استكمالها، ويُعتبر المكان أحد أهم تراث البناء الهندسي المعاصر في الشرق الأوسط.
يكشف معرض «أطوار العمران» الحوار الدائر بين هياكل معرض رشيد كرامي الدولي وقلعة طرابلس الأثرية، في دلالةٍ على التناغم بين التاريخ والحداثة، وبين التعاقب الزمني وأطوار العمران، ما يسهم في تخليد صفحاتٍ من التاريخ.
واقع وأوهام
في خلال مؤتمر صحافي عُقد في حرم الابتكار والرياضة في جامعة «القديس يوسف» في بيروت، في حضور ممثلة وزير الثقافة لين طحيني، وسفيرِ المكسيك في لبنان خوسيِه إِغناسيو مادرازو، والمدير الدولي لدى «مؤسّسة ميقاتي» زياد ميقاتي وممثلي وسائل الإعلام وفنانين ووجوه اجتماعية، لفتت كارينا الحلو إلى «أنّ الهدف من المعرض الدفع في اتجاه التفكير بواقع الإنسانية في عصرنا هذا، بعد أعوام من أوهام التقدّم التي تنذر بالانهيار في حال استمرار وتيرة الإفراط في الإنتاج كما هي عليه». أضافت أن التحضير استغرق عاماً ونصف العام وتخللت هذه الفترة إقامتان فنيّتان في كلّ من بيروت والمكسيك شكّلتا فرصة للفنانين الذين اختيروا من هذين البلدين للعمل معاً وتبادل وجهات النظر حول المواضيع التي يتطرّق إليها المعرض. بدورها، كشفت العضو المؤسّس لـ«بما» ساندرا أبو نادر أن «أطوار العمران» مشروعٌ مشتركٌ، شمل إقاماتٍ فنية بين لبنان والمكسيك، تمحورت حول إعادة تأكيد البُعد الاجتماعي للفنّ، «فهو لا يهدف إلى إحياء مشروعٍ معماريّ شكّل منذ القِدم رمزاً مثالياً ومُنطلقاً لبلدٍ جديد فحسب، إنّما للإضاءة على الدور الحيوي للفنّ، كونه مساحةً للتلاقي بين الأفراد والمجتمعات والثقافات، من ثم ترجمة الأفكار وقائعَ اجتماعية مترابطة».أضافت: «حين اختار اللبنانيون نيميير لبناء تجربة الحلم، انتظروا، وفي الانتظار تغيّر الواقع، لم يكتمل الحلم بل عاش تجربة التهجير مع اللبنانيين، لكنه بقي. هيكلٌ يذكرنا بقدرتنا على الحلم، بأهميّة حالة الانتظار كتوقيت مثالي لاختبار الأمل كمصدر ينطلق منه حلم جماعي جديد».ختمت: «رؤيتنا، في بيروت متحف الفن، ليست توعوية بمعناها الضيّق، بقدر ما هي إعادة الفن إلى الوعي الجماعي، كجزء لا يتجزأ من شخصيتنا الاجتماعية، فنتمكّن من استخدامه كوسيلة أو عدسة للنظر إلى واقع سياسي، أو اجتماعي، أو ثقافي أو انساني».أما المدير الدولي لدى «مؤسّسة ميقاتي» زياد ميقاتي، فأوضح أن «قلعة طرابلس مبنية بين العصر الصليبي والمملوكي الإسلامي، ومعرض رشيد كرامي الدولي هو متحف جميل يرمز إلى مدينتنا. ونحن كطرابلسيين قدّمنا الأراضي والوقت والمساحات، ليكون معرضاً دولياً يرفع اسم لبنان عالياً. نأمل بأن يكون هذا المشروع، مشروع لقاءٍ بين لبنان والمكسيك، وبين طرابلس وباقي لبنان والعالم». بدوره، أشار سفير المكسيك لدى لبنان خوسيِه إِغناسيو مادرازو إلى أن حكومة المكسيك تولي أهمية وأولوية كبرى لهذا المشروع، وتعتبره جزءاً أساسياً من سياستها الطامحة إلى تعزيز حضور المكسيك في لبنان. وأعرب عن سعادته بهذا المشروع، الذي رأى فيه «فرصةً للتقرب من المجتمع الطرابلسي وإعادة تفعيل التواصل مع المكسيكيّين واللبنانيّين، لأن معظم أنشطتنا تكون عادةً في بيروت». بعد حداثوي
أكدت ممثلة وزير الثقافة لين طحيني أنّ لهذا اللقاء والإعلان أهمية خاصة بالنسبة إلى الوزارة، «لأن هذا النشاط الذي ندعمه اليوم مميّز لأنه يرتبط بذاكرتنا»، لافتةً إلى أنّ «معرض رشيد كرامي الدولي هو أكثر من مكان، أكثر من هندسة معمارية، دخل مَن خَطَّها التاريخ، فزاد إلى الإرث الكبير لطرابلس بُعداً جديداً يرتبط بالحداثة. لذلك، من واجبنا أن نعمل لأن يُدرج على قائمة اليونيسكو كأحد معالم التراث العالمي، وقد بدأت وزارة الثقافة بالعمل على هذا المشروع».أضافت أن «معرض الفنّ المعاصر «أطوار العمران» يستمدّ أهمية من طبيعته التي تتطرّق إلى عمق الفنّ، ولا تتوقف عند العمل والعرض، بل تتناول ما يحيط ذلك من ارتباطٍ بالمحيط الاجتماعي، فتربط تطوّر الثقافة والفن في لبنان بدينامية ثقافية أكثر عالمية».وأعلنت طحيني أن الوزارة ستكون إلى جانب أي مشروع يعطي الفنون المكانة التي تستحقها، كاشفةً عن قرار وزير الثقافة إعفاء الأشخاص الذين يقصدون قلعة طرابلس لزيارة معرض «أطوار العمران»، من أية رسوم بين 22 سبتمبر و22 أكتوبر 2018.
معرض الفنّ المعاصر «أطوار العمران» تتويج لـ 18 شهراً من العمل شملت تبادلاً ثقافياً بين لبنان والمكسيك