بعد 20 يوماً من رهانه أن تجبر الضغوط الاقتصادية النظام الإيراني على طلب التفاوض مع الولايات المتحدة، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال خطاب ألقاه في فلوريدا، أمس الاول، عن ثقته بقرب تحدث زعماء طهران إلى واشنطن.

وقال ترامب: "آمل أن تسير الأمور بشكل جيّد بالنسبة إلى إيران. لديهم مشاكل كثيرة في الوقت الحالي. لديّ شعور بأنهم سيتحدثون إلينا في وقت قريب جداً. أو ربما لا، ولا بأس بذلك أيضاً".

Ad

واستغلّ الرئيس الأميركي الخطاب لكي يُذكّر مجدداً بقراره سحب بلاده من "الاتفاق النووي المروّع" الذي وقّعته الدول العظمى مع إيران في عام 2015.

وجاء تصريح سيد البيت الأبيض بعد مبادرته المفاجئة التي اطلقها الاثنين الماضي للقاء نظيره الإيراني حسن روحاني "دون شروط مسبقة وفي أي وقت" لدرء خطر الحرب.

تأييد ودهشة

في غضون ذلك، أفادت وزارة الخارجية الأميركية، بأن وزير الخارجية مايك بومبيو يؤيد ما طرحه ترامب بشأن استعداده للقاء المسؤولين الإيرانيين والتفاوض معهم.

وجاء ذلك في رد المتحدثة باسم الخارجية، هيذر نويرت، على أسئلة الصحافيين. وتجنبت نويرت أسئلة تم توجيهها لها بشأن إن كان وزير الخارجية وضع شروطاً للقاء أميركي- إيراني أم لا، واكتفت بالقول، إن واشنطن تود أن ترى تغييراً في السلوك الإيراني، وان ذلك مطلب معظم دول العالم وليس شرطاً اميركياً.

من جانب آخر، كشف تقرير لموقع "ديبكا" الإسرائيلي، الذي يعتقد ان الاستخبارات الإسرائيلية تشغله عن حالة من الصدمة يعيشها الساسة في إسرائيل، بسبب عرض ترامب المفاجئ لروحاني.

وذكر الموقع أمس أن واشنطن لم تُطلع الحكومة الإسرائيلية مسبقاً على المبادرة، لافتًا إلى بيان مقتضب أصدره مسؤول إسرائيلي مساء أمس الأول، أفاد بأن المسؤولين الأميركيين أطلعوا إسرائيل مساء أمس الأول على أنه "ليس هناك أي تغيير في السياسة المتشددة للإدارة الأميركية تجاه إيران".

لوم وتحدّ

في المقابل، راوحت ردود فعل المسؤولين في إيران على دعوة الرئيس الأميركي المفاجئة للحوار بين الليونة ووضع اشتراطات لمثل تلك المحادثات وبين التشدد والرفض.

وألقى وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تغريدة على "تويتر"، مساء أمس الأول، باللوم على واشنطن التي تستعد لفرض حزمة أولى من عقوبات اقتصادية خانقة بحلول السابع من أغسطس الجاري.

وقال ظريف إن "إيران والولايات المتحدة أجرتا محادثات لسنتين"، مضيفاً "توصلنا مع الاتحاد الأوروبي والدول الثلاث الكبرى في الاتحاد وروسيا والصين إلى اتفاق فريد متعدد الأطراف. كان يعمل ولا يمكن للولايات المتحدة أن تلوم إلا نفسها لانسحابها منه ومغادرتها الطاولة".

وشدد وزير الخارجية على أن "التهديدات والعقوبات وأساليب العلاقات العامة لن تجدي". وتابع: "جربوا الاحترام للايرانيين وللالتزامات الدولية".

وجاء لوم ظريف واشتراطه للاحترام والالتزام بالتعهدات للدخول في أي مفاوضات، بعد ساعات من تأكيد القائد العام لـ"الحرس الثوري" اللواء محمد علي جعفري أن "الشعب لن يسمح لمسؤوليه بلقاء "الشيطان الأكبر"، في إشارة إلى قادة الولايات المتحدة، الأمر الذي اعتبر تهديداً بمنع روحاني من اللقاء، خصوصا ان مساعده علق على مبادرة ترامب بوضع شروط مبقيا الباب مفتوحا امام اللقاء.

وقال جعفري موجها حديثه إلى ترامب: "إيران ليست كوريا الشمالية لكي ترد بالإيجاب على دعوتك لإجراء لقاء. اعلم أن الشعب الإيراني يختلف كثيرا عن الشعوب التي تخضع للهيمنة".

وتابع: "أنت رئيس غير مهني وتمارس في ميدان السياسة مهنتك في التجارة. من كانوا قبلك كانوا يعرفون أكثر منك أن الإيرانيين يقفون متحدين في وجه أي شكل من أشكال الضغوط الخارجية".

استدعاء واحتجاجات

وبعد تقرير انفردت به "الجريدة" عن مساع حثيثة يقوم بها قادة "الحرس الثوري" لسحب زمام السيطرة والمبادرة في الرد على تهديدات ودعوات ترامب من روحاني، الذي يبدي مرونة في التعامل مع الغرب، وجه مجلس الشورئ (البرلمان)، دعوة للرئيس، للحضور أمامه في غضون شهر للرد على تساؤلات النواب حول الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد.

وقال رئيس المجلس، علي لاريجاني في اجتماع أمس، "بعد النقاشات التي أجريت أصر 80 نائبا على طلبهم باستجواب الرئيس، وهو ما يعادل أكثر من ربع عدد نواب المجلس".

وأوضح أن الاستجوبات تتركز حول 5 محاور، هي "عدم نجاح الحكومة في السيطرة على تهريب السلع والعملة الصعبة"، و"استمرار الحظر المصرفي"، و"عدم قيام الحكومة بإجراءات مناسبة لخفض البطالة"، و"الركود الاقتصادي الشديد خلال الأعوام الأخيرة"، و"الزيادة المتسارعة في أسعار العملات الأجنبية والانخفاض الشديد لسعر العملة الوطنية".

تظاهرات

في هذه الأثناء، تجددت المظاهرات في أصفهان وسط إيران، أمس لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على الغلاء وتدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار الريال الإيراني أمام الدولار.

وقمعت السلطات تظاهرات اندلعت ليل البارحة في مدينة كرج، مركز محافظة ألبورز. وشهدت مدينة شيراز مركز محافظة فارس احتجاجات ضد سياسات النظام.

تشبيه فرنسي

من جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان أن الرئيس الأميركي "يقوم مجددا بما فعله مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون: يهاجم، يتخذ إجراءات صارمة وبعدها يقترح إجراء محادثات"، في إشارة إلى القمة التاريخية التي عقدها الرئيس الأميركي ونظيره الكوري الشمالي بعد تصعيد كلامي غير مسبوق بين الرجلين.