أشعل تراجع قيمة اليوان الصيني –هبط مقابل الدولار بأكثر من 6 في المئة منذ منتصف يونيو- مخاوف من لجوء بكين إلى تخفيض العملة لدرء الآثار السلبية للحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".وانخفض مؤشر نظام تداول العملات الصيني بأكثر من 5 في المئة، ما يشير إلى أن ضعف اليوان كان واسع النطاق مقابل نظرائه في سلة من العملات ذات الثقل التجاري، فهل يدفع ذلك بكين لخفض قيمة العملة بهدف دعم الاقتصاد؟ وإلى أين سيصل سعر الصرف؟ وهل سيؤثر تراجعه على الناتج المحلي للبلاد؟
الأسباب الحقيقية للتراجع
• قبل انخفاض اليوان على مدار الأسابيع الماضية، اتبع سعر صرف العملة الصينية التحركات الواسعة للدولار حتى منتصف أبريل، وكان مرنًا في ظل انتعاش قيمة العملة الأميركية منذ ذلك الحين حتى منتصف يونيو.• بعدما ارتفع مؤشر الدولار الأميركي بنحو 5.5 في المئة منذ منتصف أبريل الماضي، كان هناك تساؤل صريح هو لماذا كان اليوان مرناً جداً خلال هذه الفترة حتى منتصف يونيو، قبل التخلي عن هذه المرونة في الأسابيع الماضية.• يرجح أن سعر صرف العملة الصينية كان مدعومًا في وقت سابق من البيانات الاقتصادية الصينية القوية، والتي بدأت تتدهور فقط في يونيو، ويضاف إلى ذلك، تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق الصيني بعد إدراج السندات المقومة باليوان في مؤشر "بلومبرغ باركليز العالمي".• لفترة قصيرة، كان ينظر إلى الصين باعتبارها الملاذ الآمن عند انتشار المخاوف حيال ارتفاع الدولار وأسعار الفائدة في الأسواق الناشئة، لكن الصورة سرعان ما انقلبت مع تصاعد التوتر التجاري عقب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية على الواردات الصينية، وهو ما استجابت له الأسهم وسعر صرف اليوان على الفور بشكل سيئ.دور البنك المركزي
• بعض العوامل المحلية مثل ضعف البيانات الاقتصادية، وتخفيف السياسة النقدية لبنك الشعب (الذي أدى إلى تضييق فارق سعر الفائدة بين أميركا والصين)، زادت أيضاً الضغوط على سعر اليوان.• هل كل لبنك الشعب الصيني دور في تخفيض قيمة اليوان؟ ليس وفقًا للبيانات، حيث لم تتغير احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي تقريبًا من مستواها البالغ 3.11 تريليونات دولار في يونيو، مما يعكس ندرة تدخل البنك المركزي لتحريك سعر الصرف.• تراجع البنك المركزي الصيني عن سياسة تثبيت اليوان، وهو ما جاء تماشياً مع قوى السوق هذا العام، لو أن هناك شيئا حاول المصرفيون المركزيون استهدافه في أحاديثهم فقد كان رفع سعر الصرف (وليس خفضه) في الأوقات التي هبطت فيها سريعًا.إلي أين سيصل اليوان؟
• ستبدأ القوى الداخلية التي أضعفت سعر الصرف بالتبدد، بفضل التعديلات الأخيرة في السياسات الداعمة للنمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الحالي.• هدأت تحركات الجهات التنظيمية المالية في البلاد الهادفة لتقليص الديون، أملا في تخفيف الضغوط عن سوق الائتمان. تدرك بكين أن المزيد من التيسير النقدي سيؤدي إلى زعزعة سعر الصرف، وبالتالي اختارت إبقاء السياسة النقدية في وضع محايد، مع الاعتماد بشكل أكبر على السياسة المالية لدعم النمو.• من الصعب التنبؤ بالقوى الخارجية، لأسباب أهمها صعوبة توقع إجراءات "ترامب" بشأن التجارة، فضلا عن التوقعات بشأن الدولار، التي تعد مفتاحًا رئيسيًا لحركة سعر صرف اليوان مقابل العملة الأميركية.• السيناريو الأكثر ترجيحاً هو توسيع الولايات المتحدة لنطاق التعريفات الجمركية لتشمل سلعاً صينية بقيمة 200 مليار دولار، قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر، لكن مع التراجع الأخير لليوان، الذي عكس بالفعل مخاوف كبيرة، من غير الواضح مدة الضعف الذي ستتسبب فيه هذه الخطوة.هل تستفيد الصين؟
• البعض يتساءل هل يؤدي تراجع سعر اليوان إلى تعويض الآثار السلبية للرسوم الجمركية؟ نعم ولا. تشير التحليلات إلى أن انخفاض العملة الصينية بنسبة 1 في المئة يمكنه تعزيز نمو الصادرات بمقدار 0.6 في المئة بعد 3 أشهر من حدوث ذلك.• بما أن اليوان انخفض بأكثر من 5 في المئة منذ منتصف يونيو (وفقًا لمؤشر نظام تداول العملات)، فإن هذا النموذج يعني زيادة نسبتها 3 في المئة في نمو صادرات بداية من الربع الرابع، وإذا ما استمر هذا النوع من الدعم، فستصل المكاسب التصديرية إلى 68.4 مليار دولار، وهو ما من شأنه تعويض تكلفة التعريفات الأميركية على الواردات الصينية.• في الوقت نفسه، وبشكل أكثر تحديداً، ستظل القطاعات التي تستهدفها التعريفات الأميركية (مثل الإلكترونيات والآلات) تعاني، لأن مكاسب سعر الصرف أقل من الرسوم، أما الصناعات التي لا تستهدفها التعريفات فستستفيد من تغيرات سعر الصرف.