في وقت مازال احتمال وقوع صدام عسكري بين إيران والولايات المتحدة، التي تكثف ضغوطها الاقتصادية والسياسية على طهران لإرغامها على تقديم تنازلات وتغيير سلوكها، حاضرا بقوة، أفاد مسؤولون أميركيون بأن واشنطن تعتقد أن الجمهورية الإسلامية تعد لمناورات كبرى بالخليج في الأيام المقبلة، لتقدم موعد تدريبات سنوية، على ما يبدو، وسط تصاعد التوتر.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أنها رصدت زيادة في الأنشطة الإيرانية، بما في ذلك في مضيق هرمز الاستراتيجي لشحنات النفط، الذي هدد "الحرس الثوري" الإيراني بإغلاقه.

Ad

وقال الكابتن بيل إيربان المتحدث باسم القيادة المركزية، التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، في تصريحات، مساء أمس الأول: "نحن على علم بالزيادة في العمليات البحرية في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان".

وأضاف إيربان: "نتابع الوضع عن كثب، وسنواصل العمل مع شركائنا لضمان حرية الملاحة وتدفق التجارة في الممرات المائية الدولية".

لكن مسؤولين أميركيين تحدثوا إلى "رويترز"، وطلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، قالوا إن "الحرس" يجهز أكثر من 100 سفينة للتدريبات. وربما يشارك مئات من أفراد القوات البرية في المناورات التي يتوقع أن تنطلق في غضون أيام.

ورأى المسؤولون أن توقيت المناورات يهدف إلى توصيل رسالة إلى واشنطن، التي لم تصل إلى حد الاستعانة بالجيش الأميركي للتصدي لإيران ووكلائها.

في موازاة ذلك، هدد قائد سلاح البحرية الإيراني الأدميرال حسين خانزادي بعرقلة الملاحة في هرمز الواصل بين الخليج العربي وخليج عمان، قائلا إنه "لن يكون آمنا لمن يستخدمون أموال النفط المار من المضيق لتهديد أمن إيران".

وأضاف خانزادي: "في السنوات الماضية، تم تأمين أمن (هرمز) من الجيش والحرس الثوري، وسيستمر الأمن بكل قوة في ظل توجيهات القيادة"، مؤكداً أن أي إجراءات حظر ضد إيران "ستؤثر على التعاون على الساحة الدولية".

وكان خانزادي قال أخيراً إن بقاء المضيق مفتوحا مرهون بتأمين المصالح الإيرانية، ووفاء المجتمع الدولي بتعهداته حيال بلاده.

وتزايدت التهديدات خلال الفترة الماضية المرتبطة بالمضيق، بعد تحذيرات إيرانية من أنها ستغلقه أمام شحنات النفط إذا ما مضت واشنطن في إجبار الدول على وقف شراء نفطها، في إطار الضغط الذي تمارسه واشنطن منذ انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي وإعلانها إعادة فرض عقوبات اقتصادية خانقة تسري أول دفعة منها في السابع من أغسطس الحالي.

احتجاجات واشتباكات

في غضون ذلك، اندلعت احتجاجات مناهضة للنظام الإيراني، جراء انهيار سعر صرف التومان أمام الدولار وتردي الأوضاع المعيشية في أنحاء مختلفة من البلاد، صباح أمس، وسط هتافات تندد بارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد وانهيار العملة المحلية، والأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين.

وتجددت التظاهرات في أصفهان لليوم الثالث على التوالي، وأظهرت مقاطع خروج المئات في شارع أمير كبير، بينما أظهرت مقاطع عبر مواقع التواصل حدوث اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وشبان يهتفون "الموت للديكتاتور".

وانطلقت مسيرات حاشدة في شيراز، مركز محافظة فارس. وفي مدينة كرج، جنوب طهران التي شهدت مظاهرات، أمس الأول، أدت إلى اشتباكات مع الشرطة والأمن، خرجت مسيرات أمس في منطقة اشتهارد. وفي مشهد، مركز محافظة خراسان رضوي، خرجت مظاهرات حاشدة ضد الغلاء.

وتضع سياسات ترامب ضغوطا كبيرة على الاقتصاد الإيراني، وإن كانت معلومات المخابرات الأميركية تشير إلى أنها قد تحشد الإيرانيين في نهاية المطاف ضد الولايات المتحدة، وتعزز وضع حكام إيران المتشددين.

وفي أحدث رد على مبادرة ترامب المفاجئة، التي عرض فيها لقاء نظيره الإيراني "دون شروط مسبقة، وفي أي وقت" لدرء خطر الحرب، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه لا نية لديه للقاء نظيره الأميركي مايك بومبيو، على هامش قمة "آسيان" المقامة حالياً في سنغافورة.

وقال ظريف، في تصريحات أمس، بعد نفي أميركي لأنباء عن ترتيبات لعقد لقاء بين الوزيرين، تمهيداً لعقد قمة بين زعماء البلدين: "لم تكن لقاءاتنا قليلة مع الأميركيين، فترة عامين، أكثر لقاءاتنا كانت معهم خلال مفاوضات الاتفاق النووية، لكن الحكومة الأميركية الحالية أثبتت انها لاتلتزم بتعهداتها". وأضاف: "إن اللقاء من أجل اللقاء ليس له معنى، وعلى الأميركيين أن يثبتوا أن لقاءاتهم تنتهي باتفاقيات، وأنهم يلتزمون بنتائجها ويتحاورون على أساس الاحترام".

ورأى ظريف الذي يقوم بزيارة إلى سنغافورة للمشاركة في الاجتماع الـ51 لدول جنوب شرق آسيا، أن مبادرة ترامب لم تكن خطوة سياسية، وهي أشبه بـ"الاستعراض الدعائي".

في سياق قريب، ذكرت وكالة الأنباء اليابانية "كيودو" أن وزير خارجية كوريا الشمالية، ري يانغ هو، سيلتقي ظريف على هامش اجتماع "آسيان"، وقالت إنه سيقوم بزيارة إلى إيران قريباً.