الأوردو واللهجة الخليجية!
«بس يا ولد... چب!». «هيه وبويا». «عبود اخذ گاريك؟». «هذي السيارة لونها سياه». أجدادنا الخليجيون لم يكونوا بصفاء لسان أبي جهل، ولا ببلاغة مسيلمة الكذاب؛ ولكن بركة إيمانهم وتواضع أعمالهم قبل النفط جعلاهم ينسجمون مع الهنود، فاختلطت ألسنتهم بأريحية مع أهل لغة الأوردو (اللغة الهندية للمسلمين). «جلدي بايساب! اچاهیه؟»، تجد نفسك كخليجي، تقول جملة كاملة أوردية وأنت لا تعتبر ذلك أمراً عظيما، فالجملة السابقة كلنا يعرف نطقها ويعرف معناها «جلدي» تعني بسرعة، أما «بايساب» فهي نداء لصديق، والأخيرة فهي غنية عن التعريف.العمانيون حينما يصفون اللون الأسود يقولون «سياه» مثل الأوردو، والسعودي إذا اكتفى من الشطة على المفطح يقول «بس!» بمعنى كفى، والبحريني إذا أراد تسكيت طفله يصرخ عليه «چب!» بمعنى اصمت بالهندي، أما أبو صلوح الكويتي لما يكافئ ابنته بزة لأنها نجحت بالمدرسة فيذهب إلى سوق المباركية يشتري لها «گاري» تلعب به في الحوش، وهي كلمة هندية تعني الدراجة بالخليج، رغم أنها تعني السيارة والدراجة النارية أو أي مركبة بشكل عام عند الهنود.
أما «هيه!» الظريفة، التي تكون مرفوقة بهز الرأس من اليمين لليسار، فهي تعني «موجود»، لذلك ترى كل الباعة الهنود يرددون على مسامعنا من الطفولة «هيه» هذا و»هيه» ذاك! وكذلك هذه الكلمة تحوي معنى الإيجاب بنعم. فهي تعادل «نعم صحيح»، عند أم خماس بأبوظبي. ولكني أجد نفسي مجبرا على الاعتراف بأنني أشعر بصعوبة بتحليل الأوردو، فحينما كتبت مقالا عن الاختلاط التركي-العربي بمقالة «الحقيقة التركية للكويت»، المنشورة في ١٧-٣-٢٠١٨م فيDaily Sabah إسطنبول، وكذلك حينما كتبت عن الاختلاط الفارسي-العربي بمقالة «تأثير الفارسية على العربية» في ٣٠-٦-٢٠١٨م في «الجريدة» كنت أشعر بسهولة تجميع الكلمات واستخراج أصولها، من معاجم مصونة وأكاديمية، لأن اللغة الفارسية موغلة في التاريخ؛ أما التركية فهي لسان السلاجقة المتَفرس والمتَعرب، ولكي أحلل الكلمة العثمانية أكتفي بتحديد ما إذا كانت هذه الكلمة التركية عربية الأصل أم فارسية أم سلجوقية فحسب، ولكن لسان الهنود «برياني»! في القرن السادس ظهرت لغة أهل هندوستان، و»ستان» تعني البلاد، الذين هدى الله منهم الكثير للإسلام، فتم إطلاق لفظ «أوردو» عليهم، ويعني في لغة الترك الجنود، لذا يلتزم كل مسلمي بلاد الهند من باكستانيين وسيلانيين وبنغلادشيين وهنود باستعمال اللغة الأوردية، وهي وعاء ترسبات كل لسان أعاجم المسلمين الذين تعدّ نسبة 25% من كلماتهم عربية.