وسط أنباء عن سقوط قتيلين وإصابة العشرات، اتسعت رقعة الاحتجاجات في إيران على الغلاء، وتردي الوضع الاقتصادي، وتدني قيمة العملة إلى العاصمة طهران، مطالبة النظام بمحاكمة الفاسدين، ووقف تدفق الأموال إلى الخارج والالتفات إلى المواطنين.

وفي تطور جديد، رفع المحتجون شعاراتهم المناهضة للحكومة خلال مراسم صلاة الجمعة في جميع الأنحاء، في خطوة يبدو أن رجال الدين وأئمة المساجد سمحوا بها، كي يعطوا صورة تظهر أنهم أيضاً محتجون على الأوضاع، ولكنهم يدعمون المرشد الأعلى علي خامنئي ونظامه.

Ad

وبدأت التجمعات في ساحة ولي عصر وسط العاصمة بهتاف «الموت للدكتاتور»، و»لم تعد تخيفنا الدبابة والمدفع»، بحسب مقاطع نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل.

وقبل أن تستعين بشرطة مكافحة الشغب وعناصر «الباسيج»، هاجمت قوات الأمن المتظاهرين وهم يتجهون نحو ساحة الحسين ما أسفر، حسب بعض التقارير، عن مقتل شرطي وإصابة 15 رجل أمن، إضافة إلى مقتل أحد المتظاهرين وجرح ما يزيد على 50.

ولم تقتصر موجة الاحتجاجات الجديدة على تردي الاقتصاد، بل شملت المؤسسة الإسلامية، برفع المتظاهرين شعار «الموت للديكتاتور»، بحسب مقاطع الفيديو التي تظهرهم أيضاً وهم يرددون: «خائن للأمة»، في إشارة إلى دور إيران في سياسات الشرق الأوسط، وتصور أن هناك أموالا تدفق إلى سورية واليمن وغزة وليس إليهم.

وفي منطقة كوهردشت في كرج، جنوب غربي طهران، أضرم محتجون النار في سيارات تابعة للشرطة وهم يهتفون «يسقط الدكتاتور»، بينما ردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

وفي أراك، جنوب طهران خرج مئات المواطنين وسط المدينة وهم يهتفون «الشعب يشحت»، وفي نجف آباد بمحافظة أصفهان، طالب المتظاهرون في شعاراتهم النظام بترك سورية والالتفات لأوضاع الإيرانيين.

أول اعتراف

وفي أول تأكيد للإعلام الرسمي لاندلاع الاحتجاجات، التي كانت مسار نقاش لأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن حدوث «أفعال احتجاجية غير قانونية» في عدة مدن، ناتجة عن خروج «العشرات» من الأشخاص للمشاركة فيها، على عكس مقاطع فيديو أظهرت الآلاف في مسيرات حاشدة في مختلف المدن الإيرانية.

وخصت «إرنا» حي «أمير كبير» الصناعي بمدينة أصفهان، الذي شهد اليومين الماضيين احتجاجات لأصحاب المهن الصناعية على تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، مؤكدة أن رجال الشرطة فضوا «تجمعاً محدوداً غير مرخص» فيه ومنعوا اتساع رقعته.

وأفادت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية أن ساحة الشهداء بمدينة مشهد شهدت تجمعاً احتجاجياً على الأوضاع المعيشية والضغوط الاقتصادية، طالب خلاله الإيرانيون الجهات المعنية بمحاسبة «العابثين بالاقتصاد»، مؤكدة أن قوى الأمن الداخلي تدخلت وأنهت التظاهرة من دون اعتقال أي من المحتجين.

فساد وإجرام

بدوره، أكد خطيب الجمعة في طهران آية الله كاظم صديقي ضرورة التصدي بحزم للفساد الاقتصادي ومقاضاة المجرمين، وفق القانون، ما يشكل عبرة للآخرين، مطالباً بتعيين مسؤولين مخلصين من بين الشرائح الاجتماعية الفقيرة.

وأكد صديقي أن المشاكل الاقتصادية تتصدر حديث الناس حالياً، محذراً من أن ذلك يترك تأثيراته على الشؤون الأخرى كالثقافة والأخلاق والمعنويات والاستقرار الأسري.

الحركة الخضراء

إلى ذلك، كشفت مصادر إيرانية أن المرشد الأعلى رفض مجدداً قرار الإفراج عن زعماء الحركة الخضراء المعارضة، مهدي كروبي، ومير حسين موسوي، وزوجته زهراء رهنورد.

وذكرت المصادر أنه رغم موافقة الرئيس حسن روحاني على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي، برفع الإقامة الجبرية عن زعماء الحركة الخاضعين للإقامة الجبرية منذ 8 سنوات، فقد رفض خامنئي ذلك مرة أخرى.

ونقل موقع «سحام نيوز» التابع لحزب «اعتماد ملي (الثقة الوطنية)» الذي يتزعمه كروبي، أنه بعد موافقة المجلس القومي على القرار، فقد ناقش روحاني ذلك مع خامنئي، الذي رد قائلاً: «هناك أشياء أكثر أهمية من رفع الإقامة الجبرية لتتم متابعتها من قبل الحكومة والمجلس الأعلى للأمن القومي».

دفاع ومناورات

عسكرياً، تفقد مساعد قائد الجيش الإیراني الأدميرال حبيب الله سياري، وحدات الدفاع الجوي في طهران ومجموعة «الشهيد حبيبي» وموقع «ازادي» ومركز عمليات الشمال، للوقوف على جاهزية المواقع والمنظومات الدفاعية.

ورافق سياري في هذه الزيارة التفقدية، قائد مقر «خاتم الأنبياء (ص)» للدفاع الجوي وسائر قادة ومسؤولي الدفاع الجوي.

وغداة بدء إيران إجراء مناورات بحرية عسكرية في الخليج، انتقد وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، «وجود القوات الأميركية في المياه الفارسية»، متسائلاً: ماذا تفعل على بعد 7 آلاف ميل من أرضها. ونشر ظريف صورة تبين المسافة بين الولايات المتحدة ومياه الخليج.

ووسط تصعيد الحرب الكلامية، كتب ظريف، في تغريدة على «تويتر»، «يبدو أن قوات البحرية الأميركية غير قادرة في محيط مياهنا على العثور على طريقها، لربما أنها لم تفهم اسمها، أن اسمها هو الخليج الفارسي منذ 2000 عام، وأطول بكثير من زمن تأسيس الولايات المتحدة، أو ربما لا تعرف ماذا تفعل على بعد 7000 ميل بعيداً عن وطنها». وقبل أيام على فرض واشنطن عقوبات جديدة على طهران، أكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية مشاركة عشرات القوارب الهجومية في المناورات البحرية العسكرية الإيرانية، التي انطلقت أمس الأول في الخليج، مؤكداً أنه لم يحدث أيّ احتكاك مع السفن الأميركية في المنطقة.

وقال الناطق باسم المنطقة المركزية العسكرية الأميركية الكابتن بيل أوربان، في بيان، إنّ الولايات المتحدة «على دراية بازدياد» العمليات البحرية الإيرانية في الخليج، ومضيق هرمز، وخليج عمان.

وأضاف أوربان «نحن نراقب ذلك عن كثب، وسنستمر بالعمل مع شركائنا لضمان حرية الملاحة وحرية تدفق البضائع في الممرات المائية الدولية».

وتأتي المناورات الإيرانية الجديدة في وقت غير معتاد، إذ إن إيران عادةً ما تُجري تمرينات من هذا النوع وبهذا الحجم في وقت لاحق من السنة، وتحديداً في الخريف.