تثور تساؤلات متعددة حالياً في أروقة أسواق الذهب الأسود عالمياً، مع غياب دور إيران النفطي المتوقع في نوفمبر المقبل بالتزامن مع بدء تنفيذ العقوبات الأميركية عليها لرغبة الولايات المتحدة في إعادة صياغة الاتفاق النووي، بين طهران والغرب، والوضع النفطي في فنزويلا الآخذ بالتدهور يوماً بعد يوم، وسط مشاكل الحقول المتهالكة وتأثير العقوبات الأميركية في قدرة كاراكاس على تمويل مشاريع جديدة.

في موازاة ذلك، تتوقع مصادر الصناعة النفطية مزيداً من انخفاض انتاج فنزويلا شهرياً قد يتراوح ما بين ٧٠ و٨٠ ألف برميل يومياً إلى جانب تأثر الإمدادات الليبية والنيجيرية إذ يشير المراقبون إلى أنه بات من شبه المؤكد أن تتجه دول منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إلى زيادة إنتاجها القسري، على أن يتبع ذلك عدم الالتزام بنسبة الخفض الإنتاجي المتفق عليه، الذي يبلغ 1.8 مليون برميل يومياً، إذ كان يهدف ذلك إلى الحفاظ على مستويات أسعار مناسبة، ولعل اجتماع "أوبك" أخيراً الذي قرر فيه المجتمعون من الدول المصدرة للنفط الدول من خارج المنظمة الالتزام بنسبة خفض 100 في المئة، بعد أن فاقت تلك النسبة 150 في المئة في الفترة الأخيرة، فإنه مع تلك المؤشرات السابق ذكرها تبدو في الأفق ثمة تحركات من دول كبرى للضغط على دول "أوبك" لتعديل اتفاق خفض الإنتاج أو الخروج منه بشكل كامل بعد أن ارتأت تلك الدول الكبرى أن اقتصاداتها سوف تتأثر بخروج الأطراف الأساسية من الإنتاج مما قد يسبب ارتباكاً في الإمدادات العالمية

Ad

إمدادات أوروبا

ويرى المراقبون أن العقوبات الأميركية على إيران ورغم أنها قد تتسبب في تخفيض في إمدادات أوروبا من النفط الإيراني، فإنه ظهر جلياً أن الأوروبيين يرفضون الضغط الأميركي عليهم حتى أنهم يبحثون عن طرق لتفادي تنفيذ العقوبات الأميركية على طهران.

لكن، في نهاية المطاف، سيكون من الصعب جداً على أوروبا إيجاد حلول للوضع، فمثلاً شركة "توتال" التي تشتري نفطاً إيرانياً لديها مصالح كبرى في الولايات المتحدة، ولن تجازف بذلك لحساب شراء نفط إيراني أو حتى للاستثمار في مشروع الغاز في ساوس بارس.

غياب إنتاج

ويشير بعض المحللين النفطيين إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد غياب كميات من النفط عن الأسواق، وعليه يرى المحللون أنه سوف تكون هناك مراجعة لقرار خفض الإنتاج ودراسته بشكل قد يفضي إلى العودة عنه ولو بشكل تدريجي للحفاظ على استقرار الأسواق النفطية في ظل غياب دول منتجة مؤثرة في الأسواق بعد وصول أسعار النفط إلى نحو 80 دولاراً للبرميل في الفترة القليلة الماضية، مما أثار تهجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السياسة النفطية للدول المنتجة والمصدرة للنفط.

ويبدي المراقبون آراءهم حول زيادة الأسعار باعتبارها غير مرغوبة للدول المصدرة خشية قضية "قلة الطلب"، لكن يبقى السؤال ما حاجة السوق الفعلية للنفط حتى تضمن جميع الأطراف سواء المنتجة أو المستهلكة؟ وأيضاً مالزيادة الإنتاجية، التي تكفي حاجة الدول المستهلكة دون الإفراط في زيادة الإنتاج تجنباً لتدهور الأسعار مرة أخرى كما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية.

مشاريع تنموية

وعلى العكس من آراء تطالب دول "أوبك" بزيادة إنتاجها هناك من يرى أن دولاً من "أوبك" سترفض هذا التوجّه لزيادة الإنتاج، في طليعتها إيران لأسباب سياسية واضحة، فضلاً عن دول أخرى من "أوبك" سوف ترفض الإفراط في الإنتاج، لأنها تعتبر أن ذلك سوف يعرقل مشاريعها التنموية إذا حدث انخفاض مرة أخرى في أسعار الخام.

وعموماً، من الصعوبة بمكان الآن وضع رقم دقيق حول كميات النفط الإيرانية والفنزويلية التي ستغيب عن الأسواق لكي يتم الاتفاق على الكميات التي ينبغي زيادتها، لكن لجنة "أوبك" الاقتصادية كالعادة تدرس مسألة العرض والطلب وتضع الأرقام التي كثيراً ما تتم مراجعتها وفقاً لتطورات السوق النفطية، وعلى رغم أن قرار زيادة الإنتاج أصبح حتمياً فإن المستوى غير معروف بشكل حاسم، وينبغي أن يكون الحذر عنوان المرحلة لئلا تقع الدول المنتجة للنفط مجدداً في أزمات تمويلية.