طلب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان السبت تجميد أصول وموجودات وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا ردا على العقوبات الأميركية على خلفية توقيف قس أميركي.

ولكن يبدو انه يسعى الى عدم تصعيد الازمة بين البلدين الحليفين داخل حلف شمال الاطلسي في وقت قد يتعرض فيه الاقتصاد التركي الهش لمزيد من العقوبات الاقتصادية.

Ad

وقال اردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة ونقله التلفزيون "صَبرنا حتى مساء أمس. واليوم أصدرتُ توجيهات: سنجمد أصول وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا، إذا وُجدت".

وهذا التصريح هو رد مباشر على القرار الاميركي الاربعاء بفرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين سليمان سويلو وعبد الحميد غول.

واستهدف الوزيران لدورهما المفترض في محاكمة القس الاميركي اندرو برانسون الذي تتهمه انقرة بممارسة انشطة "ارهابية" والتجسس.

وينفي برانسون هذه الاتهامات، وقد وضع قيد الاقامة الجبرية الاسبوع الفائت بعد اعتقاله لعام ونصف عام.

ولم يتضح السبت الى من يشير اردوغان في كلامه عن وزير الداخلية في الولايات المتحدة. فهناك وزير الداخلية راين زينكي المكلف خصوصا المحميات الوطنية والشؤون الهندية، وهناك وزيرة الامن الداخلي كيرستن نيلسن.

وردا على سؤال لفرانس برس، لم يدل المسؤولون الاتراك بمزيد من التفاصيل.

شملت العقوبات الاميركية مصادرة ممتلكات واصول سويلو وغول ومنع اي تعاملات بين المواطنين الاميركيين والمسؤولين التركيين.

لكن الوزيرين اكدا ان لا ممتلكات لهما في الولايات المتحدة، والامر قد ينطبق ايضا على الوزراء الاميركيين الذين سيستهدفهم اردوغان، ما يجعل هذه العقوبات رمزية جدا.

واعتبرت الدبلوماسية الاميركية السابقة والباحثة في معهد بروكينغز اماندا سلوت ان "قيام عضوين في حلف شمال الاطلسي بمعاقبة اعضاء في حكومتيهما هو امر غير مسبوق وينطوي على دلالات".

كذلك، يرى خبراء ان العقوبات قد تؤثر في الاقتصاد التركي الذي يعاني تضخما قويا مع تراجع كبير وتاريخي في قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الاميركي اذ يتم تداولها منذ مساء الاربعاء باكثر من خمس ليرات للدولار الواحد.

وقال الخبير انطوني سكينر "ثمة خطر لعقوبات مقبلة يمكن ان تطاول في شكل مباشر مصالح الحكومة التركية مع امكان التسبب بانهيار الليرة".

من هنا، بدا السبت أن أردوغان يرغب في تجنب مزيد من التصعيد عبر قوله "لا نريد أن نكون طرفاً في لعبة يخسر فيها الجميع"، معتبرا أن "نقل الخلافات السياسية والقضائية إلى المجال الاقتصادي سيكون ضاراً للطرفين".

وأكد ايضا ان العمل "كثيف" عبر القنوات الدبلوماسية مبديا اعتقاده ـن "قسما كبيرا من الموضوعات الخلافية ستكون قريبا وراء" البلدين الحليفين.

بدوره، ابدى وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو تفاؤلا صباح السبت غداة لقائه نظيره التركي مولود تشاوش اوغلو على هامش منتدى اقليمي في سنغافورة.

وقال في مؤتمر صحافي سبق خطاب اردوغان "حان الوقت للافراج عن القس برانسون والسماح له بالعودة الى الولايات المتحدة. لدي أمل كبير بأن هذا الامر سيتحقق في الايام المقبلة".

وتساهم ملفات شائكة اخرى في توتير العلاقات بين البلدين. فانقرة ترفض دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا وتأخذ عليها رفضها تسليم الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه اردوغان بتدبير محاولة الانقلاب عليه في يوليو 2016.

ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ 1999 وينفي اي ضلوع في الانقلاب الفاشل.

من جهتها، احتجت الولايات المتحدة بشدة على توقيف موظفين محليين في بعثات اميركية في تركيا بتهمة ممارسة انشطة "ارهابية".

وقالت سلوت ان "دونالد ترامب لن يتراجع ما دام برانسون لم يعد ولا يريد اردوغان ان يبدو كأنه تراجع في مواجهة الاميركيين"، محذرة من "تصعيد من شأنه تعقيد الجهود للخروج من الازمة".

في المقابل، رجح انطوني سكينر التوصل الى اتفاق "انطلاقا من التحديات الاقتصادية التي تواجه تركيا"، مضيفا "لدى اردوغان سجل حافل على صعيد اللعب بالنار، لكنه يدرك ايضا انه لا يستطيع المضي بعيدا في هذا الامر".