طلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، تجميد أصول وموجودات وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا، ردا على العقوبات الأميركية على خلفية محاكمة القس الأميركي أندرو برانسون.

وقال إردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة: «صَبرنا حتى مساء أمس. واليوم أصدرت توجيهات: سنجمد أصول وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا، إذا وجدت».

Ad

لكنه قال في ما بدا أنه سعي لعدم تصعيد الأزمة، «لا نريد أن نكون طرفاً في لعبة يخسر فيها الجميع»، معتبراً أن «نقل الخلافات السياسية والقضائية إلى المجال الاقتصادي سيكون ضاراً للطرفين».

وشهد التوتر تصعيدا هذا الأسبوع بين الدولتين الحليفتين في حلف شمال الأطلسي، بسبب توقيف تركيا القس برانسون الذي يشرف على كنيسة بروتستانتية صغيرة في إزمير، ثم وضعه في الإقامة الجبرية، في ما يعد واحدة من أسوأ الأزمات في العلاقات بينهما منذ عقود.

وأعلنت واشنطن أنها تولي أهمية كبيرة لإطلاق سراح برانسون، وأمام رفض تركيا الإفراج عنه، فرضت الأربعاء عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين. وهذه أول مرة يتطرق فيها إردوغان الى العقوبات التي قال إنها «لا تتماشى مع التعاون الاستراتيجي». وأضاف في أثناء توجهه إلى أعضاء حزبه في أنقرة أن العقوبات الأميركية «تقلل إلى حد كبير من احترام تركيا».

وقال إن «تركيا دولة قانون»، علما بأنه قال سابقا إنه لا يمكنه التدخل في محاكمة القس الأميركي. وأضاف أن «أولئك الذين يعتقدون أنهم يستطيعون جعل تركيا تتراجع من خلال لغة التهديد وبعقوبات سخيفة لا يعرفون هذا البلد».

يشار إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن مشحونة بالفعل، بسبب الحرب في سورية، وقرار تركيا شراء نظام دفاع جوي روسي، وصدور إدانة في نيويورك بحق الموظف السابق ببنك هالك التركي، محمد هاكان أتيلا، لانتهاك العقوبات الأميركية على إيران، وبسبب الجهود لعرقلة تسليم مقاتلات طراز إف 35 إلى تركيا.

وقال إردوغان، أمس، إن أنقرة ليست مهتمة بمبادلة برانسون بأتيلا الذي صدر بحقه حكم بالسجن 32 شهرا في محكمة في منهاتن في مايو لدوره في برنامج النفط مقابل الذهب بقيمة مليارات الدولارات لتجنب العقوبات الأميركية على إيران.

كان إردوغان قد اقترح في السابق مبادلة برانسون بالداعية الإسلامي فتح الله غولن، وهو ما تقول واشنطن إنه لا توجد أدلة كافية لتسليمه.

الليرة

وجدد الرئيس التركي دعوته للمواطنين إلى استبدال مدخراتهم من الدولار بالليرة التركية لإنقاذ الأخيرة من الانهيار الذي تشهده. وأشار إردوغان إلى تحقيق تركيا معدل نمو بنسبة 7.4 في المئة، قائلا: «لقد أصبحنا نحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم في النمو الاقتصادي».

وأكد أن تركيا لن تتراجع عن اقتصاد السوق الحر، وقال: «أرى أن هناك من يحاولون إركاع بلدنا، مثلما حدث أثناء تظاهرات حديقة جيزي في 2013.. لوبي الفائدة يستهدف بلدنا.. لن تفلح خطواتكم.. أنا أوجه كلامي لإخوتي الذين لديهم دولار أو يورو تحت الوسائد، اذهبوا وحوّلوا أموالكم إلى الليرة التركية حتى نبطل هذه المؤامرة معا».

يشار إلى أن الدولار الأميركي سجل رقما قياسيا جديدا أمام الليرة، وتجاوز حاجز الخمس ليرات للمرة الأولى. وجاء هذا الارتفاع عقب العقوبات الأميركية.

بدوره، أبدى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تفاؤلا صباح أمس، غداة لقائه نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش منتدى إقليمي في سنغافورة.

وقال بومبيو، في مؤتمر صحافي سبق خطاب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «حان الوقت للإفراج عن القس برانسون والسماح له بالعودة إلى الولايات المتحدة. لدي أمل كبير بأن هذا الأمر سيتحقق في الأيام المقبلة».

ورغم رمزية العقوبات الأميركية يرى خبراء أنها قد تؤثر في الاقتصاد التركي، الذي يعاني تضخماً قوياً مع تراجع كبير وتاريخي في قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي.

وقال الخبير أنطوني سكينر: «ثمة خطر لعقوبات مقبلة (...) يمكن أن تشمل في شكل مباشر مصالح الحكومة التركية مع إمكان التسبب بانهيار الليرة».

ورجح سكينر التوصل إلى اتفاق بين البلدين لحل الخلافات «انطلاقاً من التحديات الاقتصادية، التي تواجه تركيا»، مضيفاً: «لدى إردوغان سجل حافل على صعيد اللعب بالنار، لكنه يدرك أيضاً أنه لا يستطيع المضي بعيداً في هذا الأمر».

«تصادم» بين صهر إردوغان ووزير داخليته

انتشر في تركيا مقطع فيديو كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر اصطدام وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بوزير المالية براءت البيراق، صهر الرئيس رجب طيب إردوغان، كتفا بكتف، قبل اجتماع المجلس الأعلى للشورى العسكري الخميس الماضي. وتداول المغردون المقطع وسط تكهنات بأن الحدث كان متعمداً. وانتشرت تكهنات بوجود توترات بين البيراق وصويلو، وسط ادعاءات بأن إردوغان غير راض عن صويلو.