السجون محاضن للفكر المتطرف
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
السجون، اليوم، أخطر وسائل احتضان الفكر المتطرف واصطياد الشباب وتجنيدهم، ليست السجون العربية فحسب، بل السجون الأوروبية، ففي تقرير خطير نشرته "واشنطن بوست" لمراسلتها أماندا إريكسون، أن السجون الأوروبية أصبحت محاضن خاصة للتطرف الإسلامي، مع عودة ما لا يقل عن 1500 عنصر متطرف داعشي، مطلوبين قضائياً، مما يشكل معضلة أمام السلطات، طبقاً للخبير البلجيكي توماس رينارد، الذي تساءل: كيف نجمع هذا العدد الكبير من السجناء المتهمين بالإرهاب في مكان واحد، بذلك نسهل عليهم قدرات التجنيد! وتستطرد المراسلة: على مدى تاريخ الحركة الإسلامية الحديثة، كانت السجون في مختلف الدول عبارة عن حضانات للمجموعات الإرهابية، لماذا؟ لأن الأشخاص المتطرفين، عندما تنقطع صلاتهم تماماً بالأسرة والتأثيرات الاجتماعية المعتدلة، ويتعرضون لما يعتبرون أنه عقاب غير منصف ولا عادل، تتزايد حدة الغضب ومشاعر السخط لديهم، ويتحولون إلى التطرف في محاولة للانتقام، في السجون، يجد هؤلاء أنفسهم محاطين بالشباب المضطربين نفسياً واجتماعياً وفكرياً من الذين يبحثون جاهدين عن (هوية ما) تميزهم، و(قضية ما) يعيشون حياتهم لأجلها. وتضيف: وبالنسبة إلى المتطرفين تصبح السجون فرصة ذهبية سانحة لتعميق صلاتهم بعالم الالتزام الأيديولوجي، وفِي الوقت نفسه يحاولون المساعدة في تجنيد وتدريب الجيل الجديد من المتطرفين الشبان. أصبحت السجون من أهم المحاضن للفكر المتطرف، وتحولت إلى مرتع خصب لزرعه ونشره، بل تعد معيناً لا ينضب لتخريج المتطرفين الجدد، فعتاة الإرهابيين تخرجوا من السجون، وجميع الذئاب المنفردة الذين روعوا أوروبا بإرهابهم، هم خريجو سجونها، لأن الإنسان السجين خلف أربعة جدران، بعيداً عن الصحب والأهل والخلان، يكون في أضعف حالاته، لا حصانة فكرية، ولا مناعة نفسية، بل بيئة كراهية، ورفقة ناقمة على الحياة والمجتمع، وعوامل تضعف مناعة الإنسان تجاه فيروسات التطرف، فسيد قطب ألف "معالم في الطريق"، وكفر المجتمع والدولة، في السجن، صحيح أنه لم يعذب، لأنه كان مريضا ومحتجزاً يتلقى الرعاية الطبية بمستشفى السجن، لكن أجواء السجون جعلته ناقما.ختاماً: ليس كل من دخل السجن خرج ناقماً متطرفاً، هناك مفكرون عظماء دخلوا السجون وخرجوا وأصلحوا مجتمعاتهم.* كاتب قطري