كيف يمكننا تحديد ماهية السياسة الخارجية الأميركية؟
إذا علّقت أهمية كبيرة على تغريدات الرئيس ترامب، تبدو لك سياسته الخارجية كارثية على نحو مخيف، إذ يريد أولاً شن حرب ضد إيران، ثم يسعى إلى السلام، وينطبق الأمر عينه على كوريا،ولكن ما من سياسة خارجية أميركية في الوقت الراهن، على المستوى الرئاسي على الأقل، فلا يملك ترامب أي مبادئ أو نظرة إلى العالم، ونحن ندرك ذلك يقيناً.فترامب يملك بعض التحامل في مسائل مثل التجارة والهجرة، إلا أن هذه لم تتحول بعد إلى نمط عمل متناسق، بل تنتج نوبات من الكلام العنيف.
لذلك أميل إلى تجاهل كل ما يقوله "النار والغضب" وغيره، وأنتظر يومين أو ثلاثة لأرى ما إذا كان للانفجار الرئاسي الأخير أي معنى حقيقي، وفي معظم الحالات نشهد تراجعاً أو تخفيفاً للتوتر. لكن الصحف تغالي في رد فعلها تجاه هذه المسرحيات القصيرة، مغطية إياها بجدية تخال معها أن السماء تسقط، وتشكل قمة هلسنكي المثال الأبرز، إلا أن هذا يغذي رواية "تايمز/بوست/سي إن إن" (MSNBC) عن أن ترامب يهدد الجمهورية وبالتالي العالم بأسره.أعتبر ترامب مجرد أبله كاذب أو نرجسي، وأعتقد أن صانعي السياسات في عواصم العالم توصلوا على الأرجح إلى خلاصة مشابهة، ويعني هذا أنهم تعلموا ألا يأخذوا ترامب على محمل الجد.إذا كانت الولايات المتحدة تملك سياسة خارجية، فتأتي من الحكومة الدائمة التي يشكّل ماتيس أحد ممثليها البارزين، إلا أن الحكومة الدائمة ما زالت تتبع طريقة التفكير ذاتها عموماً التي طبقتها منذ نهاية الحرب الباردة، سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ، وبكلمات أخرى لا تزال "القيادة العالمية" ذات الطابع العسكري النموذج الافتراضي للسياسة الأميركية.خلاصة القول، بدّل ترامب أجواء السياسة نحو الأسوأ عموماً، أما بالنسبة إلى التغيير الكبير، فلم يؤدِ إلى العواقب الخطيرة التي تشير إليها تعليقات الصحف الهستيرية.* «أندرو باسيفيتش»
تعلّم صانعو السياسات اليوم ألا يأخذوا الرئيس الأميركي على محمل الجد