دخلت الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 6 أيام مرحلة جديدة من التصعيد، أمس، أرغمت السلطات على فرض الأحكام العسكرية، دون إعلان رسمي، لأول منذ قيام النظام الحالي في عام 1979، وحظر تجول جزئي بمنطقة كوهردشت بمدينة كرج غرب طهران، بعد يوم من مقتل متظاهر وهجوم على حوزة.وأعلنت السلطات الأمنية فرض أحكام عسكرية في منطقة كوهردشت، عصر أمس، وفرضت حظرا على سير وسائل النقل العامة والخاصة وتجمع الأشخاص، وأغلقت جميع الطرق المؤدية لها.
واجتمع العشرات من الشباب صباح أمس في منطقة مستديرة كالج المعروفة في مدينة طهران، وهتفوا ضد النظام والغلاء في البلاد.ومستديرة كالج تقاطع شهير في العاصمة يفصل مركز المدينة عن جامعة طهران، وعادة ما يشهد تجمّع طلاب الجامعات والنشطاء في مختلف المجالات.وخرج أصحاب المحلات في منطقة يافت آباد الشهيرة جنوبي طهران أمس، بعد إغلاق متاجرهم للاعتراض على الغلاء وزيادة الضرائب وتكلفة الماء والكهرباء، وقطع الكهرباء عن محلاتهم لإرغامهم على دفع المستحقات، الأمر الذي يؤدي إلى تعطل العمل وعدم استطاعتهم تلبية الطلبات وإغضاب الزبائن.كما أفاد النشطاء بخروج تظاهرات في مدينة كرج وشيراز وبعض مناطق العاصمة منها جسر کالج قرب ساحة فردوسي الشهيرة ضد الأوضاع المعيشية والفساد السياسي والاقتصادي في البلاد، مرددين شعار "الموت للدكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي.
قتيل وقمع
وجاء إقرار الأحكام العسكرية، بعد أن قتل أحد المحتجين مساء أمس الأول برصاص حي، في وقت نفت الشرطة استخدامها الذخيرة، وقالت إن مندسين يريدون إثارة الفوضى عبر قتل المتظاهرين واتهام الأجهزة الأمنية.من جهة أخرى، اعتبر المساعد السياسي والأمني لمحافظ البرز، خبرالله ترخاني، أن هناك شواهد تشير إلى أن التظاهرات في كوهردشت انحرفت عن رفع شعارات تطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية إلى شعارات لإثارة الفوضى وإسقاط النظام.وقال إن تحركات الشبان تنم عن تنظيم احترافي وليست عفوية، مضيفا أن التجمعات تتم بدعوة من مجموعات معارضة للنظام وبتنسيق مع الولايات المتحدة التي تشن حملة مناهضة للنظام بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي في مايو الماضي.وذكر مصادر مطلعة في وزارة الداخلية أن وزير الداخلية، أصدر أوامره الخميس الماضي، لجميع المحافظين في البلاد كي يحضروا الأجهزة الأمنية، ويعطوهم أوامر لمحاصرة أي احتجاجات والتصدي لها دون أي تهاون، كي لا تعود التجمعات إلى ما كانت عليه في نهاية عام 2017.وأضاف المصدر أن وزارة الداخلية طلبت من وزارتي الاستخبارات والاتصالات واستخبارات "الحرس الثوري" مراقبة جميع أجهزة اتصالات النشطاء بالتجمعات لرصد ما يقومون بإرساله عبر الانترنت للشبكات الإخبارية واعتقالهم.وحسب المصدر، فقد طلبت "الداخلية" من وزارة الاتصالات قطع جميع أنواع الاتصالات في المناطق التي تواجه اضطرابات، خاصة الإنترنت.قم والفارسي
وفي تطور لافت امتدت الاحتجاجات إلى وسط مدينة قم العاصمة الدينية وسط البلاد، حيث هتف المحتجون ليل السبت ـ الأحد بشعار جديد هو "الموت لحزب الله" اللبناني.ونشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يهتف فيها المحتجون في قم القريبة من العاصمة الإيرانية ضد الحزب اللبناني، الذي يرى كثير من الإيرانيين أنه "يسترزق على حساب الفقراء الإيرانيين"، حيث تخصص له ميزانية سنوية يشرف عليها "بيت المرشد"، بعيدا عن أي رقابة حكومية.كما هتف المحتجون بشعارات ضد الحكومة والنظام، مطالبين المرشد الأعلى بالتنحي.وأضرم حشد من المتظاهرين المحتجين على تدهور الأوضاع الاقتصادية النار في تمثال للصحابي سلمان الفارسي في مدينة كازرون بمحافظة فارس غربي البلاد. وانتقد بعض الناشطين بشدة دور الفارسي في تاريخ إيران، معتبرين أنه "خان الفرس" باتباعه الإسلام قبل 14 قرنا.إضرابات عمالية
في موازاة ذلك، أعلن اتحاد عمال القطارات، أمس، إضرابا شاملا لعدم الاستجابة لمطالبه النقابية التي أعلنها الأسبوع الماضي، فيما سجلت عشرات الحركات الاحتجاجية في شركات ومصانع في أنحاء البلاد. وأظهرت فيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مسيرات في العاصمة طهران وفي مدن كرج وشيراز وأصفهان وقم.وأظهر المتظاهرون غضبهم بسبب الغلاء وتدهور قيمة العملة قبيل دخول العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ غدا، حين تزداد صعوبة جهود إيران لشراء الدولار والذهب، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمة الريـال.ختام مناورات
إلى ذلك، كشف مسؤول إيراني أن القوة البحرية لـ "الحرس الثوري" أجرت مناورات كبرى في الخليج ومضيق هرمز خلال الأسبوع الماضي.وأفاد مسؤول العلاقات العامة للحرس، العميد رمضان شريف، بأن "المناورات أجريت بهدف السيطرة ومراقبة أمن الممر المائي الدولي، وفي إطار البرنامج السنوي لمناورات الحرس الثوري".ونسبت الوكالة إلى شريف قوله إن قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أبدى رضاه عن "التدريبات البحرية الناجحة للحرس، مؤكدا الحاجة إلى الحفاظ على التأهب الدفاعي وتعزيزه، وكذلك على أمن الخليج ومضيق هرمز لمواجهة التهديدات والمغامرات المحتملة للأعداء"،التي ذكرت تقارير أميركية، قبل يومين، أن الحرس يستعد لها في ظل التوتر القائم بين الولايات المتحدة وطهران.وتزايدت التهديدات خلال الفترة الماضية المرتبطة بالمضيق، بعد تحذيرات إيرانية من أنها ستغلقه أمام شحنات النفط إذا ما مضت واشنطن في إجبار الدول على وقف شراء النفط الإيراني، في إطار الضغط الذي تمارسه على الجمهورية الإسلامية منذ الانسحاب من اتفاقها النووي.في سياق آخر، أعلن مساعد قائد قوى الأمن الداخلي أن جسما مشبوها انفجر صباح أمس، خلف مستشفى الإمام الخميني بالمدينة.من جهة أخرى، أشادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أمس، بمنح المملكة العربية السعودية تأشيرة لمحمد علي بك، المسؤول بـ "الخارجية" الإيرانية، ليصبح بذلك مشرفا على مكتب رعاية المصالح الإيرانية في جدة، الذي أعلنت طهران افتتاحه أمس الأول.