«تمييز الجنح» تبرئ مخرجاً مسرحياً من «الهروب» من المباحث

أكدت عدم انطباق مفهوم الجريمة على الواقعة قانوناً

نشر في 07-08-2018
آخر تحديث 07-08-2018 | 00:00
No Image Caption
نفذ مخرج مسرحي مرتين من يد العدالة؛ الأولى عند مداهمة رجال مباحث التنفيذ المدني للمسرح لإلقاء القبض عليه، والأخرى عندما أصدرت محكمة تمييز الجنح حكما قضائيا بارزا يؤكد أن ما قام به المخرج لا يعد هروبا في نظر القانون، قاضية ببراءته من الاتهام المنسوب إليه.

وفي التفاصيل، أن قوة من رجال مباحث المطلوبين مدنيا توجهت إلى مسرح في منطقة العاصمة، للقبض على مخرج مطلوب مدنيا، إلا أنه أبلغهم برغبته في تبديل ملابسه بالغرفة المخصصة لذلك، ثم لاذ بالهرب من الباب الخلفي للمسرح، الأمر الذي دعا رجال المباحث الى تسجيل قضية هروب من العدالة بحقه، خصوصاً أن هناك أوامر بالضبط والاحضار من قاضي التنفيذ، وتمت إحالته الى المحكمة، التي أصدرت بحقه حكماً ابتدائياً عن واقعة الهروب، بالسجن شهراً مع الشغل، وكفالة 500 دينار لوقف النفاذ. وتم تأييد الحكم الصادر أمام محكمة الجنح المستأنفة، إلا أن المخرج طعن على الحكم أمام «جنح التمييز»، التي ألغت حكم الحبس، وقضت ببراءته من الاتهام المنسوب إليه عن واقعة الهروب، لعدم انطباق الجريمة على الواقعة.

وقالت «جنح التمييز»، برئاسة المستشار محمد الخلف وعضوية المستشارين عدنان الجاسر وعبدالله الجمهور وياسر جلال وحموده توفيق، إن «المحكمة ترى أن أركان جريمة الهروب غير متوافرة، وذلك لأنه من المقرر قانونا أن إجراءات القبض، وهو إجراء من إجراءات التحقيق، تتطلب ضبط الشخص وإحضاره، ولو جبراً أمام المحكمة أو التحقيق، بموجب أمر صادر فيه (المادة 48 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية)، كما انه من المقرر فيها أنه (أمر يصدره المحقق بوضع المتهم تحت تصرفه مدة معينة، ومقتضاه تقييد حرية المتهم الشخصية في الحركة والانتقال وابقاؤه تحت يد السلطة القائمة بالتحقيق الفترة الزمنية اللازمة للاستجواب او المواجهة)، وهذا المعنى القانوني والفقهي لإجراء القبض يتوافق مع المعنى اللغوي له، اذ ان الأخير يعني خلاف البسط، وقبضت الشيء اي اخذته بجمع كفك كله، اي وضع اليد على الشيء المراد اخذه والسيطرة عليه، ويتعين تطبيق نص المادة 128 من قانون الجزاء، التي تنص على انه (كل شخص قبض عليه طبقا للقانون فهرب....) ان يتم القبض على الشخص من قبل رجال الشرطة، ثم يقوم هذا الشخص بالهرب منهم».

وأضافت المحكمة، في حيثيات حكمها: «ووفقاً للمفاهيم القانونية والفقهية واللغوية لإجراء القبض المارّ بيانها، وبإنزالها على واقعة الدعوى الماثلة؛ فإن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما أسند الى المتهم، ذلك أنه وإن كان لا مراء في ذلك انه قد صدر في حق المتهم قرار بالقبض عليه من قبل السيد قاضي الإدارة العامة للتنفيذ، بناء على كونه مديناً لأحد الاشخاص بدين مدني صدر به حكم، الا ان حقيقة ما اتخذه ضابط مباحث ادارة تنفيذ الاحكام المدنية وأفراد فرقته لا يمكن عده، وعلى نحو ما افصحت عنه التحقيقات، قبضاً بالمعنى القانوني، ذلك ان مجرد توجهه الى المتهم وإبلاغه بأنه مطلوب على ذمة قضية مدنية، وطلب المتهم تبديل ملابسه ثم تركه لمكان الواقعة لا يتحقق به الركن المادي لجريمة الفرار بعد القبض عليه، حتى وإن انطوى فعل المتهم على تحايل منه، إذ إن مباشرة المتهم بالتحدث معه حول صدور قرار بإلقاء القبض عليه لا يعد، والحال كذلك، أن اجراء القبض قد تم، فالمتهم بعدها لا يزال طليق الحركة دون قيد، ولم يكن تحت السيطرة، ومن ثم فلا يمكن القول بعد ذلك بأنه قد فر بعد القبض عليه».

وتابعت المحكمة: «كان يتعين على ضابط المباحث وافراد فرقته القبض عليه فور تحدثهم معه وتقييد حريته والبقاء معه بداخل غرفة تبديل الملابس، أما ولم يفصلوا فقد ظل المتهم بعيداً عن قالة القبض عليه، ويضحى الركن المادي لتلك الجريمة غير متوافر في الدعوى الماثلة، الأمر الذي يتعين معه، والحال كذلك، القضاء ببراءته من التهمة المسندة إليه».

المحكمة اعتبرت ما قام به المتهم من طلب تبديل ملابسه مجرد تحايل
back to top