كشف رئيس دار الكتب والوثائق القومية في مصر هشام عزمي، خلال مؤتمر صحافي، حيثيات ظهور المخطوط النادر «المختصر في علم التاريخ» لمحيي الدين الكافيجي، الذي يقدر عمره بـ500 سنة، والملابسات التاريخية لوصوله إلى مقتنٍ بريطاني، كذلك تطرّق إلى تفاصيل إعادته إلى أرض الوطن.

وقائع المؤتمر، الذي حضرته وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، استُهلت بعرض فيلم تسجيلي بعنوان «رحلة مخطوط من لندن إلى القاهرة»، استعرض خطوات استعادة المخطوط من العاصمة البريطانية حتى عودته إلى موطنه، وكشف أنه يشتمل على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة: المقدمة عن فوائد علم التاريخ، والباب الأول عن مبادئ علم التاريخ، والثاني عن أصول علم التاريخ ومسائله، والثالث عن شرف أهل العلم وفضلهم.

Ad

وقالت وزيرة الثقافة إنها فخورة باسترداد المخطوط ووصفته بأنه «يعد الكتاب التراثي الوحيد المستوفي الجانبين النظري والتطبيقي»، لافتة خلال كلمة لها إلى أن هذا المخطوط فتح مجالاً لكل من جاء بعده للاستناد إلى ما ورد فيه من معلومات، مثمنة الجهود التي بذلها رئيس دار الكتب وفريق العمل التابع له في سبيل استعادة المخطوط النادر، ومشيدة بأسلوب إدارة المفاوضات مع الجهات الحائزة للمخطوط، والتي كُللت بالنجاح.

مفاوضات

تحدث رئيس دار الكتب والوثائق القومية هشام عزمي عن مراحل المفاوضات مع مسؤولي صالة المزادات في لندن، والتي استمرت ثلاثة أشهر، موضحاً أن خطوات وقف بيع واستعادة المخطوط بدأت يوم 25 أبريل الماضي، بعد نحو أسبوعين من توليه رئاسة دار الكتب، حين تلقى إخطارات من جهات عِدة، من بينها وزارة الآثار واتحاد الأثريين العرب، تفيد بعرض المخطوط في صالة مزادات في العاصمة البريطانية، وأنه كان على الدار أن تتحرك خلال 48 ساعة لوقف عملية البيع، قبل انتقال ملكية المخطوط إلى شخص آخر.

وتابع: «بعد وقف البيع، كانت الخطوة التالية التفاوض على استعادة المخطوط، وخاطبنا صالة المزادات، التي تعاملت باحترام ومهنية، وأحالت التفاوض إلى مقتني المخطوط وعائلته، وتبين أنه حصل عليه كميراث عن جده الذي كان من هواة اقتناء التراثيات والمخطوطات من دول العالم المختلفة».

وقدمت دار الكتب سجلات وفهارس تثبت أن النسخة التي في حوزة المقتني هي المقيّدة في الدار، إذ ثمة نسخ عدة للمخطوط الأصلي، لكن لكل منها خصوصيته. وترجع أهمية هذه النسخة إلى أن الجوهري كتبها عام 528 هـ، بعد ثمانية أيام فقط من خط الكافيجي النسخة الأصلية. واجتمعت العائلة المقتنية وردت على دار الكتب في بريد إلكتروني، قالت فيه: «نحن سعداء ومقتنعون وعازمون على إعادة المخطوط».

يُشار إلى أن الكافيجي أحد عظماء المفكرين، واعتبره السخاوي «علامة الدهر وأوحد العصر»، بينما وصفه الإمام السيوطي بأنه «إمام في المعقولات لتفرده بقيمة تراثية وعلمية كبيرة».

وترجع أهمية مخطوط «المختصر في علم التاريخ» إلى أنه يعتبر أقدم رسالة إسلامية معروفة عن نظريات التاريخ، ويمتاز بأصالة منهجه، إذ اهتمّ بتوضيح المناقشات النظرية للتاريخ في منهج قصصي، كذلك يُعد المخطوط مرجعاً مهماً لما جاء بعده من كتابات، ولولاه لما ظهر كتاب «الإعلان بالتوبيخ» للسخاوي.

صفحة من المخطوط النادر