كندا تبحث عن «وسطاء»... والسعودية لمزيد من الإجراءات
الرياض تتجه إلى وقف شراء الحبوب... ولندن تحضّ على ضبط النفس وواشنطن تدعو لاتباع الدبلوماسية
مع توجه الرياض إلى مزيد من الضغط، تسعى كندا للحصول على مساعدة إماراتية وبريطانية لنزع فتيل نزاعها الدبلوماسي المتصاعد مع المملكة، في ظل تمسك الولايات المتحدة الحليف الوثيق للطرفين بعدم التدخل.
وسط ترقب لكلمة رئيس الوزراء جاستن ترودو، كشفت مصادر مطلعة، أن كندا تنوي الحصول على مساعدة من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، لوقف تطور أزمتها الدبلوماسية غير المسبوقة مع السعودية.ونقلت وكالة «رويترز» عن «مصدر مطلع»، أن الحكومة الليبرالية بقيادة ترودو، التي تشدد على أهمية حقوق الإنسان، تعتزم التواصل مع الإمارات. وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الوضع «السبيل هو العمل مع الحلفاء والأصدقاء في المنطقة لتهدئة الأمور، وهو ما يمكن أن يحدث سريعا».
وأفاد مصدر آخر بأن كندا ستسعى أيضا للحصول على مساعدة بريطانيا لنزع فتيل النزاع الدبلوماسي، الذي يبدو أنه سيضر بالعلاقات التجارية بين البلدين البالغ حجمها نحو أربعة مليارات دولار سنويا. وبلغت الصادرات الكندية للسعودية نحو 1.12 مليار دولار إجمالا في 2017 أو ما يعادل 0.2 في المئة من إجمالي الصادرات الكندية.ورداً على التدخل الكندي في شؤونها، استدعت السعودية الأحد سفيرها في أوتاوا، ومنعت سفير كندا من العودة للرياض، وفرضت حظرا على التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة بين البلدين، واتخذت إجراءات أخرى منها وقف رحلات «الخطوط الجوية»، ووقف برامج التدريب والابتعاث والزمالة للطلاب.
توضيح سعودي
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية السعودية، أمس، أنها أوضحت لرؤساء بعثاتها الدبلوماسية وجهة نظر المملكة تجاه تصريحات وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند وسفارة بلادها في الرياض.وذكرت الخارجية في بيان أن وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية أحمد قطان ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والاقتصادية بالانابة السفير جمال عقيل، أبلغا رؤساء البعثات ان مواقف الحكومة الكندية تعد «تجاوزا غير مقبول على أنظمة وإجراءات المملكة والسلطة القضائية فيها، ومخالفة صريحة لأبسط الأعراف الدولية وجميع المواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول».وقرر وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، تشكيل غرفتي عمليات إحداهما رئيسية في مقر وزارة الخارجية بالرياض، وأخرى بسفارة المملكة لدى كندا، لمتابعة شؤون المواطنين السعوديين المقيمين من الطلاب، ومن يتلقون العلاج في المستشفيات الكندية، لتقديم العون والمساعدة لهم على مدار الساعة، ومتابعة المستجدات، وذلك بعد الإجراءات المتخذة تجاه كندا.ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) أمس عن الملحق الصحي في الولايات المتحدة وكندا فهد التميمي أنه تم وقف برامج علاج المرضى في كندا وسوف يُنقلون إلى مستشفيات خارجها «تنفيذا لتوجيه المقام السامي الكريم».شراء القمح
ومع تصاعد الأزمة الدبلوماسية، أفاد تجار أوروبيون بأن «المؤسسة العامة للحبوب السعودية» أبلغت المصدرين أنها ستتوقف عن شراء القمح والشعير الكنديين في مناقصاتها العالمية، مؤكدين أنهم تلقوا إخطاراً رسمياً بذلك.وأكدت نسخة الإخطار أنه «اعتبارا من الثلاثاء السابع من أغسطس 2018، لن تقبل المؤسسة العامة للحبوب توريد شحنات قمح الطحين أو علف الشعير ذات المنشأ الكندي».ضبط النفس
وحضّت الحكومة البريطانية كندا والسعودية على ضبط النفس. وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية إن «كلا من كندا والسعودية شريك وثيق للمملكة المتحدة، ونحضّ على ضبط النفس في الموقف الحالي». وتابعت: المملكة المتحدة مؤيدة قوية لحقوق الإنسان. ونبدي قلقنا بشكل منتظم للحكومة السعودية في شأن قضايا حقوق الإنسان بما في ذلك احتجاز مدافعين عن حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة».تدخل واشنطن
ونأت الولايات المتحدة بنفسها عن التدخل في الأزمة. وأعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت: «ينبغي للجانبين أن يحلا ذلك بالوسائل الدبلوماسية. لا يمكننا فعل ذلك نيابة عنهما، ويتعين عليهما حل ذلك معا». وأضافت أنّ الولايات المتحدة «أثارت القضية مع الحكومة السعودية»، مشيرة إلى أن واشنطن «تشجّع على احترام الحريات المعترف بها دوليًا والحريات الفردية».وفي أول تعليق رسمي على الخلاف، أكدت وزارة الخارجية الروسية «رفض موسكو تسييس قضايا حقوق الإنسان»، مشيرة إلى أن «للسعودية الحق في تحديد مسار إصلاحاتها الداخلية بنفسها». وفي القاهرة، أعلنت وزارة الخارجية على «فيسبوك»، «تضامن مصر مع السعودية في موقفها الرافض لأي تدخل خارجي في شؤونها أو محاولة المساس بسيادتها»، مؤكدة «تتابع بقلق تطورات الأزمة الحالية مع كندا وتعتبرها نتاجا مباشرا للنهج السلبي الذي اتخذته بعض الأطراف الدولية والإقليمية مؤخرا بالتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة».
موسكو تؤكد أن للمملكة الحق في تحديد مسار إصلاحاتها