غداة دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في ظل ترد معيشي وواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ إيران، أطاح مجلس "الشورى" أمس وزير العمل علي ربيعي.

وصادق البرلمان على حجب الثقة عن الوزير بأغلبية 129 صوتا مقابل 111 صوتا معارضا، وثلاثة امتنعوا عن التصويت.

Ad

وحمل المعارضون أداء الوزير المسؤولية عن ارتفاع البطالة بين الشباب إلى 25 في المئة، في حين دافع الوزير عن نفسه بالقول إن "الميزانية المخصصة لوزارته لم تكن تكفي للقيام بمهام الوزارة".

وتأتي إطاحة وزير العمل في وقت يستعد الرئيس حسن روحاني لاستجواب في غضون شهر للإجابة عن أسباب تعثّر الاقتصاد وانهيار سعر صرف التومان الإيراني بعد 90 يوما من انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع في يوليو 2015 بين إيران ومجموعة "5+1".

وفي وقت لم يعرف تأثير سريان العقوبات التي تكتمل في 4 نوفمبر المقبل على الحياة اليومية، رصدت تقارير من أسواق إيران، أمس، ارتياحا لدى بعض التجار، حيث لم تسُد حالة الذعر التي كانت متوقعة. لكن البعض حذّر من "هدوء اصطناعي"، سببه خطوات اتخذها البنك المركزي على مدار اليومين الماضيين، وأسهمت في رفع قيمة التومان أمام الدولار، يمكن أن تتبعه "عاصفة حقيقية".

ترميم علاقات

وإذ شدد على أنه لا يوجد حوار مع واشنطن، أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أن طهران بصدد ترميم العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين، داعيا روحاني إلى إصلاح العلاقات عبر حوار يضمن أمن المنطقة.

ورأى ظريف أن "الولايات المتحدة لن تتمكن من منع إيران من تصدير النفط"، وهو ما تسعى إليه واشنطن بحلول الرابع من نوفمبر المقبل. وقال: "إذا أراد الأميركان الاحتفاظ بهذه الفكرة الساذجة والمستحيلة، فعليهم أن يدركوا عواقبها، فلا يمكنهم التفكير في أن إيران لن تصدر النفط وأن آخرين سيصدرون".

توضيح أميركي

في المقابل، جددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، اتهامها إيران بزعزعة منطقة الشرق الأوسط، وعدم الاهتمام بشعبها، مطالبة إياها بتغيير سلوكها في المنطقة.

وأكدت ناورت أن "إيران لا تصرف أموالها على الخدمات الاجتماعية، بل على الهجمات الإرهابية"، وأضافت: "الشعب الإيراني يعاني ويزداد إحباطا، لأن النظام اختار أن يصرف أمواله على زعزعة الاستقرار في المنطقة وشن هجمات على دول أخرى، وكذلك المشاركة في الحرب بسورية والذهاب إلى العراق، ولك أن تسمي ما شئت. الأنشطة موثقة ومعروفة ولا تعود بالنفع على الإيرانيين، فاختاروا التظاهر".

وأكدت ناورت رغبة واشنطن بحوار مع إيران يفضي إلى تغيير جذري في تصرفاتها، موضحة أنها تريد التوصل إلى اتفاق جديد لا يتعلق فقط بالبرنامج النووي، وإنما بتصرفات طهران وبرنامج صواريخها الباليستية.

تحذير ألماني

وفي رؤية مخالفة لتوجه ترامب الذي قال إن الشركات التي تجري معاملات مع إيران ستُمنع من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة، قال متحدثون باسم الحكومة الألمانية، أمس، إن العقوبات الأميركية تنتهك القانون الدولي، وإن برلين تتوقع أن تراعي واشنطن المصالح الأوروبية بعد فرضها عقوبات تتخطى نطاق الحدود الأميركية.

وحذّر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، من أن قرار ترامب إعادة فرض العقوبات على إيران بإمكانه أن يزيد حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ويعطي دفعا للقوى المتطرفة في المنطقة.

وقال ماس: "لا نزال نعتقد أن التخلي عن الاتفاق النووي مع إيران كان خطأ"، مضيفا "نكافح من أجل إنقاذ الاتفاق، لكونه يخدم أهدافنا بجلب الأمن والشفافية إلى المنطقة".

ولفت الوزير إلى قرب إيران جغرافيا من أوروبا، محذرا من أنه "على أي جهة تأمل بتغيير النظام ألا تنسى أنه بإمكان نتائج ذلك أن تجلب لنا مشكلات أكبر بكثير".

وتابع: "بإمكان عزل إيران أن يعزز القوى الراديكالية والأصولية. الفوضى في إيران، كما شهدنا في العراق أو ليبيا، قد تزيد من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة المضطربة أصلا".

بكين وأنقرة

في موازاة ذلك، دافعت الصين وتركيا عن الروابط التجارية مع طهران. وقالت وزارة الخارجية الصينية إن المعاملات مع إيران "منفتحة وشفافة ومشروعة" ولا تنتهك أيا من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأضافت "الخارجية" ردا على أسئلة بشأن العقوبات وتهديدات ترامب للشركات التي تجري أعمالا مع إيران، إن بكين تعارض دوما العقوبات أحادية الجانب و"سياسة الذراع الطويلة".

وتابعت: "يتعين احترام حقوق الصين المشروعة".

وفي أنقرة، شدد وزير الطاقة التركي فاتح دونميز، على أن بلاده ستواصل شراء الغاز الطبيعي من إيران، تماشيا مع اتفاق توريد طويل الأمد يسري حتى 2026.

وتشتري الصين، وهي أكبر مستورد للنفط الإيراني، نحو 650 ألف برميل يوميا من طهران، أي نحو سبعة في المئة من إجمالي واردات الصين. وبأسعار السوق الراهنة تبلغ قيمة الواردات 15 مليار دولار سنويا.