حرب ترامب الاقتصادية!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
السؤال الذي حير الكثير واعتبروه تناقضاً في سلوك الرئيس الأميركي، حيث انتقل بين ليلة وضحاها من تهديد بضرب إيران بما لم يشهده أحد من قبل إلى التفاوض دون شروط مع إبقاء سيف العقوبات مصلتاً على رقاب الإيرانيين. لعل جزءاً كبيراً من هذه الإجابة يكمن في الانتخابات الفصلية للكونغرس الأميركي، التي يخشى ترامب أن يفوز فيها الديمقراطيون، الأمر الذي قد يعني نهايته السياسية، حيث يملك الحزب المعارض الأغلبية لعزله، ولكن بضمان فوز الجمهوريين فإنه سيتحرر من كابوس المساءلة كما يتقدم خطوات نحو ولاية ثانية ليعلن انتصار نظريته السياسية بأن أميركا يجب ألا تحكم بالمؤسسات السياسية البالية إنما بالمال والاقتصاد تحت الشعار الشعبوي "الأميركي أولاً".لذلك فإن الرئيس بدأ بجرعة عقوبات قد تكون شديدة لكنها ليست شاملة، وترك المجال لاختبار إيران والدول التي تتعامل معها مالياً وتجارياً، حيث أرجأ العقوبات الكبرى لشهر نوفمبر منتظراً نتائج انتخابات الكونغرس.عقيدة ترامب تحمل تجربة جديدة وإن كانت تحمل مخاطر كبيرة، ففي حال فشل العقوبات ونجاح إيران في الالتفاف تعتبر ضربة قاصمة موجهة له، في حين إذا نجح في جر الإيرانيين إلى الحوار فيعني ذلك بالتأكيد بدء عهد الهيمنة القطبية الأحادية، ونسف كل الجهود الدولية نحو تحرير التجارة وخلق أرضية للعولمة في بعدها الاقتصادي على مدى نصف قرن من الزمن، وعندها ستبدأ حقبة جديدة من السياسات الحمائية وبروز الأحلاف والتكتلات المتصارعة.حلفاء الولايات المتحدة كأوروبا وخصومها كالصين وروسيا اشتركت في إفشال محاولة جورج بوش الابن في فرض القطبية الأحادية بنموذجها العسكري، فغرقت واشنطن في دول صغيرة مثل أفغانستان والعراق، فهل تكرر بنية النظام الدولي مواجهة القطب الاقتصادي الواحد انطلاقاً من مبدأ الاقتصاد يتبع السياسة أم ترضخ وفقاً لنظرية السياسة تتبع الاقتصاد؟!