تهدد سياسات الرئيس الصيني زي جينبنغ التجارية بجعل تلبية أهدافه البيئية أكثر تكلفة، فقد تكون أكبر دولة مستوردة للغاز الطبيعي في العالم مضطرة إلى إدراج الغاز المسال الأميركي ضمن قائمة البضائع التي يمكن أن تفرض عليها رسوماً تصل الى 25 في المئة. وفيما لم يتم تحديد موعد لتطبيق التعرفة فإن الإعلان يأتي قبل أشهر قليلة فقط من فصل الشتاء، عندما يحتمل أن يبلغ الطلب الصيني على وقود التدفئة من الولايات المتحدة ذروته.وسيدفع ذلك صناع السياسة في الصين الى استهداف الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الذي لم تشمله البضائع المستهدفة السابقة، ويشير الى أن الرئيس الصيني قد يرغب في التعرض لبعض الألم، بهدف عدم التراجع أمام الضغوط التجارية المتصاعدة من جانب الرئيس دونالد ترامب.
وكانت حملة حكومة بكين للحصول على هواء نظيف قد جعلت الصين أكبر دولة مشترية للغاز الطبيعي، وقد ترغم إقامة حواجز في وجه امدادات الولايات المتحدة البلاد على دفع سعر أعلى في فصل الشتاء المقبل.وقالت كاتي بيز، وهي محللة لدى هايت سيكيوريتيز في العاصمة واشنطن، إن «فرض الصين تعرفات على مستوردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة يشكل تحولاً في الاستراتيجية، ولكن من المحتمل أن يلحق هذا الإجراء الضرر بالمشترين الصينيين بقدر أكبر من الضرر الذي يلحق بالمصدرين الأميركيين، وسيدفع المشترون الصينيون سعراً أعلى لمستورداتهم».نزاع الوقود بين الولايات المتحدة والصين يشكل ابتعاداً حاداً عن السنة الماضية عندما شملت زيارة ترامب تعهدات من جانب شركات رسمية بدعم مشاريع التصدير الأميركية. ووقعت تشاينا ناشنال بتروليوم كورب، وهي أكبر مزود للغاز في البلاد في شهر فبراير اتفاقاً لـ 25 سنة لشراء الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يبدأ بعض الامداد في هذه السنة.ويبدو التعاون في مجال الغاز الطبيعي المسال بين البلدين مثالياً. وأفضت حملة الرئيس الصيني لخفض الانبعاثات الضارة الى سياسات ترغم المنازل والمعامل على التخلص من غلايات الفحم واستخدام الغاز الطبيعي الأنظف. وفي غضون ذلك، دفعت الإمدادات الزائدة في الولايات المتحدة بعض المحللين الى توقع أن تصبح البلاد أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال.وتلعب الولايات المتحدة دوراً صغيراً نسبياً في اجمالي توازن الغاز في الصين التي تحصل على معظم مستورداتها منه عبر خط أنابيب من آسيا الوسطى أو قطر وأستراليا. ولكن الطلب على الغاز يبلغ ذروته في فصل الشتاء، وتعتمد الصين على مستوردات الغاز الطبيعي المسال لتأمين الإمداد السريع.وكانت الولايات المتحدة المصدر الملائم في السنة الماضية. وبخلاف معظم البائعين لا تعمد الشركات الأميركية – بما فيها تشينير انرجي - الى تقييد جهة تسليم شحناتها، وهذا يعني أن شركات مثل رويال داتش شل تستطيع شراء الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة واعادة توجيهه الى حيث يكون الطلب والسعر أقوى. وقد استوردت الصين أكثر من 900 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2017 أي أكثر من اجمالي الأشهر التسعة.إعادة توجيه الشحناتوقالت بيز إن «أحجام الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة تشكل حوالي ربع أحجام التداول الفوري اليوم، ما يعني أنها آلية رئيسية لتلبية الطلب الموسمي».وذكر تريفور سيكورسكي، وهو محلل لدى انرجي أسبكتس في لندن، إن التعرفات ستجعل الإمدادات الأميركية غير اقتصادية بالنسبة الى الصين، ولذلك سيعمد التجار الى تحويل الشحنات لإرسال الوقود الأميركي الى مشترين آخرين مثل اليابان وكوريا الجنوبية واعادة توجيه الوقود غير الأميركي الى الصين، وقد تضطر الصين الى دفع حوالي 10 في المئة زيادة لقاء الشحنات الفورية بعد عملية المبادلة.وقال نيل بيفيردج، وهو محلل لدى سانفورد سي بيرنستين في هونغ كونغ اذا تم تضمين الغاز الطبيعي المسال في الحرب التجارية، فإن ذلك سيهدد بابطاء نمو الصناعة برمتها. وقد تدفع أسعار الاستيراد الأعلى للغاز الطبيعي المسال في الصين الرئيس زي الى اعادة النظر في محورية الانتقال من الفحم الى الغاز.ومن جهة أخرى، قد يمهد الكلام لاتفاق تجاري أكبر بين البلدين يتركز حول الغاز الطبيعي. وأضاف بيفيردج أنه من المنطقي أن تشتري وحدة بتروتشاينا في تشاينا ناشنال بتروليوم كورب أصولاً في الغاز الأميركي للتحوط ضد مستورداتها الكبيرة من الغاز.وذكر أن «الغاز الطبيعي المسال واحد من أكثر الطرق جلاء لخفض العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وإذا حدث اتفاق تجاري فسيشمل الغاز الطبيعي المسال».● دان ميورتوغ وستيفن ستابزينسكي
اقتصاد
الحرب التجارية الأميركية - الصينية ترفع كلفة التنفس في بكين
11-08-2018