بعد محادثات شاقة استمرت أكثر من 20 عاماً حول ثروات الغاز والنفط والكافيار، وقع مسؤولو الدول الخمس المطلة على بحر قزوين، إيران وروسيا و3 جمهوريات نشأت عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، أمس في كازاخستان اتفاقية تاريخية تحدد الوضع القانوني للبحر الغني بالموارد، مما يمنح أملاً بتخفيف التوتر الإقليمي، وإقامة مشاريع نفط وغاز مربحة.

وحضر قمة دول حوض بحر قزوين، التي عقدت في ميناء أكتاو بكازاخستان، قادة إيران وروسيا وكازاخستان وأذربيجان وتركمانستان، الذين وقعوا اتفاقية تحدد وضع البحر المتنازع عليه منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.

Ad

وقبيل التوقيع، أكد رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف، أن القادة "يشاركون في حدث تاريخي". وقال: "بإمكاننا إقرار أن التوافق على وضع البحر كان أمرا صعب المنال واستغرق وقتا".

وجاء الاتفاق، الذي وقع أمس، خلال القمة الخامسة من نوعها منذ عام 2002، لكن عقد أكثر من 50 اجتماعا على مستويات أقل منذ أن تمخض تفكك الاتحاد السوفياتي عن أربع دول جديدة على ضفاف قزوين.

إشادة وخلافات

وعقب كلمة نزارباييف، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني المعاهدة بأنها "وثيقة أساسية"، لكنه أشار إلى أنها لا تضع حداً لجميع الخلافات المرتبطة بالبحر.

وقال روحاني: "لدينا اليوم إطار عمل متعلق بالأنشطة في بحر قزوين، وهو ما لم يكن الحال عليه في السابق، لكن هناك مسائل أخرى ينبغي التعامل معها في اجتماعات لاحقة".

وأضاف: "ترسيم الحدود في بحر قزوين الغني بالنفط والغاز سيتطلب اتفاقات إضافية بين الدول المتشاطئة".

إلا أن روحاني الذي يواجه ضغوطا أميركية متزايدة لإرغام بلاده على تقديم تنازلات بملفها النووي ونفوذها في الشرق الأوسط، أشاد بنص في المعاهدة يمنع الدول غير المطلة على قزوين من نشر قوات عسكرية في البحر، وقال "بحر قزوين ملك فقط للدول المطلة عليه".

واعتبر أن قزوين "منطقة مهمة جدا واستراتيجية تشكل محورا للصداقة والتعاون والتضامن"، داعيا إلى المزيد من خطوات تعزيز التعاون بين بلدان حوض قزوين.

وكانت إيران قامت في الماضي بمناورات بحرية للدفاع عن مطالبها في البحر.

تعاون عسكري

من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اعتبرت بلاده القوة الرئيسية خلف الاتفاق، إن المعاهدة لها "أهمية تاريخية"، داعياً إلى تعزيز التعاون العسكري بين الدول المطلة على البحر.

وأعرب بوتين عن استعداد بلاده لتوسيع نطاق التعاون العسكري مع دول حوض قزوين، مضيفا: "نعتقد أنه من المهم تطوير الشراكات على الخط البحري. على وجه الخصوص، للقيام بزيارات متبادلة منتظمة للسفن، ولتوسيع الممارسات المشتركة للطواقم والسفن في مختلف المناسبات".

وأكد أنه من الضروري تطوير آلية لإجراء مشاورات منتظمة مع أسطول بحر قزوين لتجنب وقوع حوادث. وذكر الكرملين أن الاتفاق يبقي على الجزء الأكبر من بحر قزوين كمنطقة تتقاسمها الدول الخمس، لكنه يوزع الأعماق والثروات تحت البحر فيما بينها.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي غيرغوري كاراسين، إن بحر قزوين سيتمتع بـ"وضع قانوني خاص"، لا كبحر ولا كبحيرة. ولكل منهما تشريعاته الخاصة في القانون الدولي.

حماسة وخسارة

من جانب آخر، أعلنت تركمانستان إحدى أكثر الدول انغلاقا في العالم، 12 أغسطس من كل عام "يوما لبحر قزوين" تكريما للاتفاق ((المقبل))، معبرة بذلك عن حماستها.

ويأمل هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى والغني بالمحروقات إنشاء أنابيب في أعماق بحر قزوين لنقل الغاز الذي ينتجه إلى الأسواق الأوروبية عبر أذربيجان.

وبصفتهما القوتين الكبريين اللتين كانتا تهيمنان في الماضي على بحر قزوين، قد تكون روسيا وايران أكبر الخاسرين في الاتفاق التاريخي.

كما أن الاتفاق يفترض أن يعزز الهيمنة العسكرية الروسية في المنطقة عبر منع أي دول أخرى من إقامة قواعد عسكرية بقزوين.

أما إيران، فيمكن أن تستفيد من الوضوح الذي يجلبه النص لإطلاق مشاريع مشتركة مع أذربيجان.

سفير واشنطن

إلى ذلك، حثت الولايات المتحدة بريطانيا أمس على التخلي عن دعمها للاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع إيران، وتوحيد جهودها مع واشنطن لمواجهة التهديد العالمي الذي تقول إن طهران تمثله.

وانتقد السفير الأميركي لدى بريطانيا وودي جونسون طهران لتمويلها "حروبا بالوكالة وأنشطة خبيثة" بدلا من الاستثمار في اقتصادها.

وقال إن إيران تحتاج لإدخال تغييرات ملموسة وهيكلية لتتصرف كدولة طبيعية. وتابع جونسون في تصريحات نشرت أمس: "حتى ذلك الحين ستكثف أميركا الضغوط، ونريد من بريطانيا أن تقف في صفنا" للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق جديد شامل مع طهران.

في المقابل، أشارت وزارة الخارجية البريطانية، ردا على طلب للتعليق على مقال جونسون، إلى تصريحات وزير شؤون الشرق الأوسط أليستير بيرت الذي استبعد الأسبوع الماضي الاقتداء بموقف الولايات المتحدة التي انسحبت من معاهدة 2015 بشكل منفرد عن القوى الكبرى في مايو الماضي، وأعادت فرض عقوبات أحادية على طهران دخلت الحزمة الأولى منها حيز التنفيذ مطلع الشهر الجاري. وأكد أن بلاده ستدافع عن مصالح الشركات البريطانية ضد العقوبات الأميركية على طهران.

تعاون حدودي

من جهة أخرى، وفي وقت تشهد العلاقات الإيرانية- العراقية توترا بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الالتزام بعقوبات واشنطن ضد طهران، دعا قائد قوات الشرطة الإيرانية العميد حسين اشتري إلى تعزيز التعاون والرقابة بين بلاده والعراق خلال اجتماع تنسيقي عقد في طهران أمس بين قادة حرس حدود البلدين.