مصر / جريمة الدير تعيد خلافات الكنيسة القبطية للواجهة
أثار مقتل الأنبا أبيفانيوس، رئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، جدلا عما يدور داخل الكنيسة المصرية، وهيج هذا الحادث خلافات كانت قد خففت برحيل الأنبا متى المسكين عام 2006، حيث كان الأنبا القتيل أبيفانيوس تلميذه الأقرب، وواجه انتقادات حادة من قبل غالبية المتنفذين داخل الكنيسة المصرية بسبب ذلك.واعتقد البعض أن الخلاف الفكري بين البابا شنودة الثالث، والأب متى المسكين انتهى، برحيلهما، إلا أنه لم يرحل معهما، فهو خلاف بين نهجين أحدهما تحديثي والآخر محافظ، وربما واقعة مقتل الأنبا ابيفانيوس نتيجة لبعض ما حدث أثناء ذلك الخلاف الذي امتد لنحو 40 عاما.ويمثل فكر متى المسكين خطا إصلاحيا متميزا ومغايرا لغالب الخط الكنسي الأرثوذكسي السائد، على خلاف باقي جيله ومنهم زميله، آنذاك، الأنبا شنودة. ومنذ عام 1954 حتى نهاية السبعينيات خاض الأب متى عدة صدامات مع مؤسسة الكنيسة، من اصطدامه بنفوذ أصحاب المصالح، حسب تعبيره، إلى إغلاق الباب أمام ترشحه لمنصب البطريرك مرتين.
وفي أزمة البابا شنودة مع الرئيس السادات عام 1981 تم التلويح بالأنبا متى لخلافة البابا، بحسبانه الزعيم المعارض لقيادة الكنيسة، لكنه رفض، وتسربت شائعات وأقوال تتهمه بالخيانة، وأنه كان وراء نفي البابا شنودة، وتزعم هذه المواقف المتشددة عدد من رموز الكنيسة، لكن ونظرا للشعبية التي يتمتع بها لم يستجب البابا شنودة للدعوات المطالبة بعقابه أو حرمانه.لكن بمرور الزمن، خفتت حدة الاحتقان بين البابا شنودة والأب متى المسكين، وحفظ له البابا شنودة كل سلطاته الرهبانية والروحية داخل دير أبومقار، ولم يتدخل في الشؤون المالية الخاصة بالدير، حرصا منه على عدم استفزاز شعبيته.وبعد رحيل الأب متى، حاول البابا شنودة إعادة الدير إلى رعايته، من خلال رسامات جديدة لرهبان يتبعون نهجه، وكان ذلك عام 2009، مما أدى إلى وجود جبهتين في الدير، إحداهما للرهبان القدامى تلاميذ الأب متى المسكين، ومجموعة الرهبان الجدد الذين تم رسامتهم عن طريق البابا شنودة، ومنهم الراهب إشعياء المقاري، المتهم الآن بقتل رئيس الدير، والراهب فلتاؤس السرياني الذي حاول الانتحار بعد الجريمة، ولم تحسم التحقيقات حتى الآن اشتراكه فيها.وبتتبع كتابات ومواقف البابا شنودة، يظهر بوضوح اختلافه الجذري مع مدرسة متى المسكين، فالرجل منخرط في المجال العام سياسيا واجتماعيا، ودخل في صدام مع السادات، ثم صار حاضرا بقوة في المشهد السياسي في حقبة مبارك، حيث بات كأنه متحدث باسم الأقباط وزعيم سياسي لهم.