رياح وأوتاد: «تو الناس» يا حكومات الخليج
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
ومن الأمثلة عندنا في الكويت ما تم تقديمه من اقتراحات مشابهة (المظاهرات والدعم الخارجي) أثناء مجلس 2003، حيث تصديت لها بحمد الله تعالى، وأيضاً ما قدم في المجلس الحالي مثل إلغاء ولاية الأب في عقد الزواج، وإلغاء جرائم المغردين المتجاوزين، وكل ذلك مدعوم من تلك المنظمات.وبناء على كل هذه الأمثلة فليس من المستغرب أن تُهاجم دولة قطر وتُطالب بإلغاء قوانين التجريم لفعل قوم لوط بمناسبة إقامة مباريات كأس العالم على أرضها، وتهاجم السعودية والكويت من أجل إلغاء نظام الولاية في الأحوال الشخصية، ويتم الضغط الآن على تونس لإلغاء قوانين الميراث الشرعية بعد أن تم السماح فيها للمسلمة بالزواج من غير المسلم، ونخشى أن تستمر الضغوط حتى تصل إلى كيفية تربية الأبناء والمناهج الدراسية واللباس والعلاقات المحرمة بين الجنسين. ومما يؤسف له حقاً هو استجابة بعض الدول الإسلامية لهذه الضغوط الغربية، فغيرت الكثير من قوانينها وقيمها لكي تتماشى مع هذا الفكر الغربي الذي يروج له حتى من الداخل أحياناً باسم المساواة والحريات، والذي سيؤدي إذا استمر إلى طمس الهوية والشخصية العربية والإسلامية بالكامل.لذلك لم أستغرب محاولة تدخل دولة كندا أو غيرها في شأن قضائي داخلي لإحدى دولنا لأننا سمحنا لهم من قبل بالتدخل في قوانيننا النابعة من ديننا ووجداننا.وعلى كل حال، وكما تقول العرب "رب ضارة نافعة"، فلعل هذه الحادثة تكفل صحوة تعلن فيها جميع الدول العربية والإسلامية أن مرجعها الوحيد هو إعلان حقوق الإنسان الإسلامي الصادر في القاهرة عام 1990، والذي وقعت عليه جميع الدول الإسلامية، وهو الوحيد الذي يشكل التزاماً لهم، أما ما عداه من تقارير وقرارات واتفاقات فهي اجتهادات إنسانية تقبل الصواب والخطأ، ولا يُقبل بأي حال من الأحوال إدانة أو اتهام أو تجريح لأي دولة على مخالفة تلك الاجتهادات، أو حملها على تغيير قوانينها لكي تتماشى معها.وعندما كنت وزيراً للعدل قمت بتشكيل لجنة من العدل والأوقاف والداخلية والخارجية والشوؤن لكي تتولى الرد على هذه المنظمات وتقاريرها، كما أسست مع مجموعة من الإخوة الأفاضل الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، كما نص على ذلك نظامها الأساسي، وأيضاً اقترحت في أثناء أحد اجتماعات وزراء العدل لدول مجلس التعاون أن تُنشأ لجنة دائمة تشارك فيها جميع دول مجلس التعاون الخليجي للرد على الهجوم الذي تتعرض له هذه الدول، لأن الهجوم متشابه ومكرر على كل دولة، وهو منصبّ على أحكام الشريعة التي تعتبرها هذه الدول المصدر الأول لتشريعاتها، وأن الرد المشترك يوجه رسالة أقوى وأبلغ من الرد المنفرد لكل دولة، ولكن للأسف هذا الاقتراح لم توافق عليه بعض دول التعاون.بسبب كل هذه التجارب والمشاهدات لم أستغرب هذا التدخل في القضايا المعروضة على القضاء الآن، ولعلها تكون مناسبة وفرصة مواتية لكي تتعامل دولنا الحبيبة مجتمعة وفق شريعتنا وسيادتنا مع الدول أو منظمات حقوق الإنسان التي تتدخل في شؤوننا الداخلية لكي لا نندم غداً، ونقول "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".