على غرار فتوى سلفه الإمام الخميني بمنع الحوار نهائياً مع الولايات المتحدة، أوصد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أمس، باب التفاوض مع رئيسها الحالي دونالد ترامب، قاطعاً الطريق أمام مرونة رئيس الجمهورية حسن روحاني، والتوقعات الأخيرة بإمكانية تحقيق اختراق، لترتيب مباحثات ثنائية بين العدوين اللدودين.وفي كلمة له أمام ملتقى شعبي بطهران، برّر خامنئي، المعروف بتشدده تجاه الانفتاح على الغرب، موقفه الرافض للتفاوض مجدداً بعدم التزام واشنطن بالاتفاق النووي، مؤكداً أنه «يمنع التفاوض مع الولايات المتحدة، مثلما منعه الإمام الخميني سابقاً».
واستبعد نشوب حرب مع الولايات المتحدة، التي انسحبت من الاتفاق، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية بشكل أحادي على طهران، مؤكداً أن «الأميركيين يوظفون لغة التهديد، ويتحدثون عن شبح الحرب لإرهاب الجبناء فحسب».ووصف مبادرة ترامب المفاجئة، قبيل دخول الحزمة الأولى من العقوبات حيز التنفيذ، لعقد لقاء مع الإيرانيين «دون شروط سابقة وفي أي وقت لدرء خطر الحرب»، بأنها «سياسات تلاعب وقحة يرافقها القرع على طبول الحرب وفرض العقوبات»، معلناً أنه «لن تكون هناك أي حرب، ولن نتفاوض معهم».ورفض خامنئي الدخول في مفاوضات يسعى لها ترامب، من أجل إبرام اتفاق جديد أشمل لمعالجة نقاط بملف إيران النووي وأنشطتها في المنطقة، متسائلاً: «هل يتعين على المرء التفاوض مع مثل هذه الحكومة المزدوجة؟».
وفي تصريحات منفصلة، هاجم المرشد الأعلى الرئيس روحاني وإدارته على «تويتر»، معتبراً أن «مشكلات اليوم المعيشية لا تأتي من الخارج، بل هي داخلية».وأضاف أن ذلك «لا يعني عدم وجود تأثير للعقوبات، لكن العامل الرئيسي يكمن في كيفية تعاطينا معها».وعكست تصريحات المرشد الانتقادات التي يواجهها الرئيس الإيراني بشأن أسلوب إدارته للاقتصاد من رجال دين بارزين وكبار الشخصيات في «الحرس الثوري».وزادت تلك الأقوال، التي صبّت في مصلحة «الحرس الثوري»، الضغوطات على روحاني، في ظل انتشار التظاهرات والإضرابات احتجاجاً على الغلاء والفساد وانهيار التومان، الذي فقد نحو نصف قيمته منذ أبريل الماضي.وفي رسالة استعراض للقوة، تزامنت تصريحات خامنئي مع كشف وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي عن الجيل الجديد من صاروخ «فاتح مبين» البالستي القصير المدى.ولم تحدد طهران مدى الصاروخ الجديد، لكن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة أشار إلى أن مدى نسخه السابقة بلغ ما بين 200 و300 كلم.إلى ذلك، وبعد يومين من تمهيد مجلس صيانة الدستور الطريق أمام إقرار تعديلات قانونية تسمح لإيران بالانضمام إلى اتفاقية دولية للرقابة المالية، ومكافحة تمويل الإرهاب المعروفة بـ«FATF»، علمت «الجريدة»، من مصدر في مكتب روحاني، أن الاتحاد الأوروبي وعد في حال إتمام الخطوة بضمان استمرار شراء بلدانه مليون برميل نفط يومياً على الأقل، وتحويل العوائد لطهران باليورو، لتفادي العقوبات الأميركية على قطاعها المصرفي.وتأتي الخطوة الإيرانية المرتقبة لمقايضة الانضمام إلى الاتفاقية، التي يعارضها التيار الأصولي المتشدد، تخوفاً من عرقلتها تمويل الميليشيات الموالية في المنطقة، باستمرار شراء أوروبا للنفط في ظل توتر مع الولايات المتحدة، التي تسعى لخنق الاقتصاد الإيراني، ومنع تصديرها للنفط تماماً بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، لإرغامها على تقديم تنازلات في ملفها النووي وسياساتها الخارجية.في موازاة ذلك، كشف مصدر آخر، رافق روحاني في قمة دول حوض قزوين، أمس الأول، أن الرئيس الإيراني بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين إعطاء التجار الروس مساحة أكبر للعمل والاستثمار، في مقابل فتح روسيا أسواقها أمام المنتجات الإيرانية، إضافة إلى العمل لإقرار التبادل التجاري بالعملة المحلية للبلدين بدلاً من الدولار.وأوضح المصدر أن بوتين كرر لروحاني موقف بلاده المعارض للعقوبات الأميركية، مؤكداً أن موسكو ستقوم باستيراد المحروقات الإيرانية وبيعها في الأسواق إلى جانب البترول الروسي وتحويل العوائد باليورو إلى إيران، أو تقديم سلع وأسلحة بقيمتها، إذا أصرت واشنطن على مواصلة منع الدول المختلفة من شراء نفط إيران.