أصبحنا ملطشة ولعبة بيد الدول الكبرى وربيبتها الكيان الصهيوني، وأصبح الحديث عن التطبيع وبيع فلسطين مفتوحا وصريحا بعد أن كان همساً ومن وراء أبواب مغلقة، كان بعض الحكام العرب في السابق يخشون الاتهام بالعمالة وخيانة القضية، وتحولوا في فترة قصيرة، خصوصا بعد زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، إلى سعاة ينفذون بدون مناقشة كل ما يؤمرون به، ولو أننا في الأربعينيات وما قبلها لقلنا إنهم كانوا جهلة وتحت حكم الانتداب أو الاستعمار البريطاني، وإنهم لا يستطيعون حتى لو أرادوا أن يفعلوا غير ما يؤمرون به. لكنهم الآن أحرار، أو هكذا تقول دساتيرهم وإعلامهم وأناشيدهم والثقافة التي اكتسبوها، ومن يجهل لديه جيش من الخبراء والمستشارين، كما أن لديهم ذرية درست في أرقى الجامعات وشاهدت أنواع الحكم وأساليبه وكيف تقال (لا)، فليس لحكامنا عذرٌ لعدم معرفة ما يخطط للمنطقة، وما استراتيجيات الدول العظمى، وما تعمله من أجل الكيان الصهيوني، فكل السياسات المعلنة والمخفاة تقول إن الدول الكبرى هدفها الأول هو تمكين الكيان الصهيوني من أرض العرب وخيراتها وإشعال المنطقة لمصلحة هذا الكيان.
ليس هناك حاكم عربي لا يدرك هذه الحقيقة، فلماذا لا نسمع رفضا صريحا إلا من عدد يسير يجري التضييق عليهم الآن لكي ينحنوا وينزووا ويتبعوا المطأطئين؟ "ناتو عربي" بزعامة ما يسمى إسرائيل لمواجهة إيران، هل وصلت خيبتنا إلى هذا الحد؟ هل نقع في لعبة البعبع كل مرة؟ وهل هذا يعقل؟ أين ما تعلمناه من أساليب التفاوض لنقنع إيران بما يتمناه الأعداء، أعداؤنا وأعداء إيران، في تدميرنا جميعا؟ هل نهين كرامتنا بالتعاون مع الكيان الصهيوني ونرضخ لابتزاز الدول الكبرى ولا نقبل بالجلوس مع الإيرانيين للتوقف عن التهديد والوعيد وتنسحب من الأراضي العربية؟ وهل نعرف ما هو التفاوض وأساليب إطفاء الحرئق أو الوقاية منها، أم أن كل ما تعلمناه ذهب مع الريح مع ابتسامة من نتنياهو ودفعة من ترامب؟ شعب إيران وكل شيعة العالم لا يقبلون يالتدمير والخراب، وإن خرجت أصوات هنا وهناك فإن هؤلاء إما جهلة أو أنهم يعملون لمصلحة اليهود وسياسة الهيمنة الأميركية، قد يكون هذا دوراً ملعوباً من أفراد في مراكز مهمة، لكنه بالتأكيد ليس أمنية الشعب الإيراني وقيادات حصيفة فيه لا تريد لوطنها إلا الخير. فما الذي يمنع مجلس التعاون أو ممثلا عنه من الجلوس مع الإيرانيين وسحب فتيل الشر؟ ولماذا تتغلب العصبية القبلية الطائفية على العقل والحكمة؟ هل بقي لدينا بعض من إرادة خارج سيطرة ترامب لنقرر مصيرنا بأيدينا؟ طبعا هناك مخاطر والكل يعرف ردة فعل الدول الكبرى على من يخرج عن طوعها، لكننا لسنا أي دول، فعندنا معظم مخزون النفط العالمي، ولن يتجرأ أحد على المغامرة بتوقف النفط حتى ليوم واحد، فهل ندرك قوة موقفنا؟ سيرسلون "داعش" ومن على شاكلتهم كما فعلوا في سورية والعراق والفلبين وغيرها، ولكن هل هذا أفظع من التسليم لما يسمى إسرائيل؟ احسبوها صح فستجدون أنكم موهومون ومغيبون ومسيّرون، وأن كلمة (لا) واحدة ستغير كل حسابات العالم. لا للتطبيع، وإن كان لا بد من "ناتو عربي" فليكن عربيا لتحرير فلسطين لا لتضييعها.
مقالات
«الناتو العربي»
15-08-2018