أكدت محكمة الاستئناف الإدارية، برئاسة المستشار نجيب الماجد، عدم سلامة القرارات التي أصدرتها وزارة التعليم العالي بعدم قبول شهادة الثانوية العامة إذا مضى عليها سنتان، لمخالفة القرار لأحكام الدستور الذي كفل للمواطن الكويتي حق التعليم، الذي هو ركن أساسي لتقدم المجتمع.وأضافت "الاستئناف"، في الحكم الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، أن "إلزام الدولة برعاية التعليم وتشجيع البحث العلمي حق، وليس مقبولا أن تتذرع الجهة الإدارية الممثلة بوزارة التعليم بالأسباب التي أوردتها، ذلك أن التعليم بذاته أمر كفله الدستور دون قيد أو شرط، وإلا لما أصبح حقاً خالصا للمواطن".
وبينت المحكمة في تأييدها لحيثيات حكم محكمة أول درجة أنه "لما كان السبب في إصدار القرار المطعون عليه شهادة الثانوية قد مرت عليها فترة سنتين قبل التقدم بطلب استكمال الدراسة الجامعية، وان المدعي قد تراخى في طلب استكمال دراسته دون مبرر، ولما كان هذا السبب لا يصلح مطلقاً سبباً أكاديمياً وعلمياً مقنعاً لمنع طالبي العلم من تحصيلهم في التخصص الذي يميلون اليه، ويجدونه ملبياً لطموحهم، مما ينعكس، بلاشك، على قدراتهم في التحصيل المتميز، ولا يمكن التذرع بأنه قد انفصل عن الدراسة ببرهة يسيرة من الزمن تقدر بسنتين، أيا كان وجهة الرأي في سببها تحول بينه وبين التواصل السليم، واستكمال التعليم بحرمانها منه مستقبلا للابد، فذلك القول وان بدا مستساغاً ظاهرياً إلا أن ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، اذ انه يلقي بمزيد من الأغلال والقيود والحريات الشخصية، ومن بينها الحرية في اختيار نوع التعليم وجودته وتوقيته المناسب، بما يوائم ظروف طالب العلم، تلك الحرية التي يتعين علينا ان نمسك بتلابيبها والا نفرط في شيء منها، خصوصا اذا كانت أسباب القيود والمنع لا تجد لها صدى من الواقع أو القانون".
دليل قاطع
وأضافت المحكمة "كما أن هذا السبب لا يصلح دليلاً قاطعاً على عدم قدرته على التحصيل العلمي التي حظرها، ولم تفصح الأوراق عن أسباب أخرى مقنعة، للافتئات على حرية اختيار التوقيت المناسب لاستكمال التعليم ومصادرتها، ذلك ان القرار جاء عاماً مقرراً منع استكمال الدراسة الجامعية بعد مرور سنتين على الشهادة الثانوية، وهو حظر لا أصل له ولا سند، ولم يبن على أسس واضحة معتبرة، وجاء مفتئتاً على حق الشخص في اختيار نوع التعليم وجودته والتوقيت المناسب له، والتي ليست منحة من الإدارة تمنحه من تشاء ووقتما تشاء، إنما هو حق أصيل للمواطن مقيد فقط، شأنه شأن أي حق آخر بعدم الخروج على مقتضيات الصالح العام".التوقيت المناسب
وذكرت أن "الحرية في اختيار التوقيت المناسب لاستكمال التعليم حق مقرر لا يجوز الحد منه أو انتقاصه الا لمصلحة عامة في حدود القوانين واللوائح، ودون تعسف أو انحراف في استعمال السلطة، وقد كفلتها دساتير العالم أجمع وقررت له من الضمانات ما تسمو به من المآرب الشخصية، وتنأى به عن الهوى وتكفل لأبناء البلاد جميعاً تمتعهم بحقوقهم فيه، وهي لا تقبل من القيود الا ما كان يهدف منها للخير المشترك لكافة ورعاية الصالح العام".ولفتت المحكمة إلى "أن حق اختيار نوع ومكان التعليم والتوقيت المناسب له فرع من فروع الحرية الشخصية للفرد لا يجوز مصادرته دون علة، ولا مناهضته دون مسوغ أو تقيده بلا مقتضى، بما يغدو معه السبب الذي عولت عليه الجهة الإدارية في إصدار القرار المطعون عليه -وهو مرور فترة سنتين على شهادة الثانوية قبل التقدم بطلب استكمال الدراسة الجامعية- غير مشروع لمخالفته المبادئ القانونية المستقرة، وإهداره الحق المدعي في اختيار التعليم المناسب وما يتوافق وقدراته ويراه أوفق لمصلحته، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه تبعاً لذلك فاقداً لسنده القانوني حرياً بالإلغاء وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها أحقية المدعي في التسجيل في مرحلة البكالوريوس بجامعة بنها تخصص تربية بدنية".