إردوغان يقاطع المنتجات الأميركية... ويضم العراق لمشاكله
• الرئيس التركي والعبادي يقران خطة للأمن والمياه
• القس يلتمس إطلاقه مجدداً وأنقرة تسمح بزيارته
هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، بأن بلاده ستقاطع المنتجات الإلكترونية الأميركية، في ظل تصاعد الخلاف التجاري والدبلوماسي بين أنقرة وواشنطن، في حين عوّضت الليرة بعض خسائرها أمام العملات الأجنبية والدولار، إثر تدهورها الحاد أخيراً.
لجأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، للتهديد بمقاطعة الأجهزة الإلكترونية الأميركية، ردا على عقوبات واشنطن التي ضاعفت تعريفات جمركية على منتجات أنقرة من الصلب والألمنيوم.وقال إردوغان، بمناسبة الذكرى الـ16 لوصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم، إن أنقرة "ستصنع وتصدر منتجات بجودة أفضل من تلك التي تستوردها بالعملات الأجنبية"، مضيفاً: "إن كان لديهم آيفون، فهناك في المقابل سامسونغ، ولدينا كذلك فيستل"، العلامة الإلكترونية التركية، التي حققت انتعاشا كبيرا بالبورصة، عقب كلمة الرئيس.وإذ أكد عزمه على تقديم مزيد من الحوافز لرجال المال والأعمال الراغبين في الاستثمار، تناول الرئيس التركي الخلافات مع واشنطن، وقال: "بعد أن فشلوا في إرغامنا على تنفيذ ما يريدونه على الأرض لم يترددوا في استخدام السلاح الاقتصادي ضدنا".
وأكد أن أنقرة "تمتلك أحد أقوى الأنظمة المصرفية في العالم"، ورغم تراجع سعر صرف الليرة "لم تُغلق بنوكنا كما حدث في أزمات اقتصادية في آسيا وأوروبا في 1994 و2001".ولفت إلى وقوع هجمات اقتصادية استهدفت تركيا سابقا، لكنها كانت مستترة، على عكس التي تشن اليوم بشكل مفضوح. وللوقوف ضد الهجمات، أوضح إردوغان أنه سيتم العمل على صعيدين اثنين، الأول اقتصادي، والآخر سياسي. وتابع: "مؤسساتنا المسؤولة عن القطاع الاقتصادي، وعلى رأسها وزارة الخزانة والمالية، تعمل على مدار الساعة لاتخاذ التدابير الاقتصادية اللازمة، ونحن نتابع ذلك عن كثب".وزاد: "نحن لا نغفل حقيقة وجود بعض المشاكل الواجب حلها، وعلى رأسها عجز الحساب الجاري، والتضخم، ونسب الفائدة"، لكنه أضاف: "الحمد الله اقتصادنا يعمل كالساعة".
لا تسوية
ولم يبد الرئيس المحافظ أي مؤشر على نية لتسوية الخلاف مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، واعتبر أن الولايات المتحدة لا تستهدف تركيا وحدها من الناحية الاقتصادية، بل تقف ضد الصين وروسيا وأوروبا، ودول أخرى، حتى جارتها كندا.وأضاف: "لكن الهجمات ضد تركيا أكبر وأكثر عمقا، فقد حققنا طفرة اقتصادية مهمة جدا بنمو لثلاثة أضعاف خلال الـ16 عاما الماضية، ونعي أنه من الطبيعي وجود أطراف منزعجة من ذلك".في موازاة ذلك، أعلنت الخطوط الجوية التركية على "تويتر" أنها ستنضم إلى حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسما يدعو إلى عدم بيع الإعلانات لأميركا.والخلاف بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي، والذي تفاقم مع احتجاز أنقرة لقس أميركي يدعى أندرو برونسون سنتين بتهمة "التجسس والإرهاب"، أثار شكوكا حول مستقبل الشراكة بينهما وأجج المخاوف من أزمة اقتصادية وشيكة في تركيا.تعويض خسائر
وغداة إقرار البنك المركزي حزمة من الإجراءات لتهدئة الأسواق، عوضت الليرة التركية بعضا من خسائرها في الأسواق المالية للمرة الأولى بعد أيام من التدهور، إذ خسرت نحو خمس قيمتها مقابل الدولار الأميركي، منذ الجمعة الماضية.غير أن تدابير البنك لم تقنع الأسواق المالية، التي تريد زيادة كبيرة لمعدلات الفائدة تصل إلى ألف نقطة لوقف انهيار الليرة ومحاربة التضخم، وهو ما يعارضه إردوغان بشدة.وتم تداول الليرة، أمس، عند 6.49 ليرات مقابل الدولار و7.41 ليرات مقابل اليورو، لتعوّض بذلك بعضا من خسائر الاثنين الماضي حين بلغت 7.24 ليرات للدولار و8.12 لليورو.وسيعقد وزير المالية والخزانة براءة البيرق، صهر إردوغان، مؤتمرا بالدائرة المغلقة مع نحو ألف مستثمر أجنبي غدا الخميس.في غضون ذلك، أكد محامي القس المحتجز بأنقرة أنه قدم استئنافا للإفراج عن موكله مرة أخرى أمس، قائلا إنه "يتعين أن تعلن المحكمة قرارها في الأيام الثلاثة المقبلة".وفي مؤتمر مشترك عقده مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أفاد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأن بلاده سمحت للقائم بأعمال السفارة الأميركية بزيارة برونسون الذي يخضع للإقامة الجبرية، أمس، مضيفا أن محادثات تجري للخروج من الأزمة.ورأى الوزير التركي أن "زمن البلطجة يجب أن ينتهي"، معتبرا أنه "إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تبقى دولة معتبرة فلا يمكن أن يكون ذلك عبر الإملاءات".أنقرة والعبادي
في سياق آخر، أعرب الرئيس التركي، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في أنقرة أمس، عن استعداد بلاده لتطوير وتعميق العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها الأمن والاقتصاد.ورحب الرئيس بفتح معبر حدودي ثانٍ مع العراق في القريب العاجل، وقال إن "مشاكل العراق مشاكلنا، ونحن مستعدون للقيام بما يقع على عاتقنا في مسألة إعادة إعماره".من جانبه، قال العبادي إن اللقاء بحث إقرار خطة ثنائية لمعالجة المخاوف الأمنية الحدودية بين البلدين، ومشكلة المياه التي يعانيها العراق.وعبر العبادي عن دعمه لأنقرة في مواجهة أزمة الليرة، وشكرها على تعهدها السخي بمؤتمر إعمار العراق الذي عقد في الكويت.تدهور العملة ينعش السياحة
تسبب انهيار سعر الليرة في حالة صدمة في تركيا مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، إلا أن السياح الباحثين عن الصفقات الرابحة خلال ذروة موسم الصيف استفادوا كثيراً.وشكل زوار معظمهم من السعودية وآسيا طوابير طويلة في اسطنبول خارج متاجر العلامات التجارية الفخمة على غرار "لوي فيتون"، و"شانيل"، و"برادا"، بعد الضربة الكبيرة التي شهدتها الليرة مقابل الدولار، حيث خسرت أكثر من 16 في المئة من قيمتها منذ الجمعة الماضية.وقال السائح السعودي ناصر النبير، خارج متجر أنيق في أحد أحياء إسطنبول الراقية "كل شيء يصبح أرخص وأرخص"، مضيفاً "كأنها تنزيلات بنسبة 30 في المئة".