الأتراك والأميركيون... أصدقاء وأعداء!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
كانت بدايات انفراط هذا العقد قد بدأت مع بدايات إدارة باراك أوباما، الذي كان لديه اعتقاد ثبت أنه خاطئ بأن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لن تنهض من كبوتها، وأن تعبئة الفراغ المستجد في الشرق الأوسط تقتضي استبدال تركيا بإيران التي بالإمكان اعتبارها بوابة الغرب كله نحو الشرق الأقصى. والحقيقة أن هذا كان تصوراً خاطئاً وأنه كان بمثابة قراءة حولاء وخاطئة لمعادلات القوى في تلك المرحلة الخطيرة، التي ترتب على معادلاتها وضع العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين والألفية الثالثة.ولعل الأخطر والأسوأ أن عمى الألوان السياسي هذا قد انتقل من الإدارة الديمقراطية، ومن باراك أوباما، إلى الإدارة الجمهورية ودونالد ترامب، فالرئيس الأميركي الجديد، بدل أن يعطي لنفسه ولإدارته الوقت للتدقيق جيداً في معادلة الشرق الأوسط المستجدة، ويسعى بكل إمكانياته للحفاظ على كل حلفاء الولايات المتحدة في هذه المنطقة، ذهب بعيداً في استفزاز تركيا وإزعاج رئيسها رجب طيب إردوغان، بدل أن يأخذ بعين الاعتبار أن دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في حلف شمال الأطلسي قد رفضت انضمام أنقرة إلى السوق الأوروبية المشتركة وإلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإنها دفعتها دفعاً في اتجاه روسيا الاتحادية.وهكذا، فإن ما جعل إردوغان يأخذ تركيا خطوة بعد خطوة، بعيداً عن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وبالتالي عن حلف شمال الأطلسي؛ أن فلاديمير بوتين قد استغل مخاوف الرئيس التركي من الأكراد بالتقرب أكثر من اللزوم من حزب العمال الكردستاني – التركي، الذي كان بالأساس صناعة مشتركة بين المخابرات السورية والمخابرات السوفياتية، مما دفعه دفعاً إلى الارتماء في أحضان الروس وإدارة ظهره، وإنْ مواربة في البدايات، لأميركا التي بدل أن تقف وقفة جادة مع الذات، وتراجع حساباتها الشرق أوسطية جيداً، ذهبت بعيداً في استفزاز تركيا وإزعاجها بافتعال أزمة العملة التركية، التي جعلت العلاقات بين الدولتين وبين الرئيسين تصل إلى مرحلة تصدع وانهيار لم تكن متوقعة، ولا محسوباً حسابها بين دولتين رئيسيتين في حلف شمال الأطلسي!