كان للاتحاد السوفياتي «برافدا» وللولايات المتحدة اليوم «فيسبوك»
يبدو أن "فيسبوك" تحول من أحد عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي إلى دار مهمة لجمع ونشر الأخبار، ومهمته الأولى: إسقاط واضع نظريات الموآمرة "ألكس جونز". أتمنى لكم التوفيق، يا شعب زوكربرغ! وأعتقد أن هذا يعني أن ملايين المواد المجنونة الأخرى التي ما زالت على "فيسبوك" خضعت للفحص، والتدقيق، والتصديق من القييمين على الشركة، فهذا درب يقود إلى هوة!الحياة أكثر سهولة بكثير عند الالتزام بالتعديل الأول، وإعلان حرية التعبير كوسيلة ممتازة لتطهير المجتمع وسيلة أفضل من نور الشمس، فكل إنسان يتمتع بالحرية ليخرج إلى زاوية الشارع ويردد الكلمات الأكثر جنوناً، وبشاعة، وشراً التي يريدها، ويستطيع العالم المتحضر تجاهل هذا المجنون بكلامه الغريب أو يمكنه أخذ العلم والمضي قدماً.في النهاية يتعب المجنون أو يفقد صوته أو يعود إلى المنزل بكل بساطة بعد تعبيره عن شكواه،
ولكن لمَ قد يرغب "فيسبوك" أو أي إنسان آخر في التدخل وتنصيب نفسه شرطي الحقيقة أو ضابطها؟ فقد امتلك الاتحاد السوفياتي "برفدا" في الماضي، وتحظى الولايات المتحدة بـ"فيسبوك" اليوم.لكن المضحك أن "فيسبوك" يضطلع بمهمة تتخطى عمليات جمع الأخبار ونشرها، ففيما يسعى "فيسبوك" لإسكات "خطاب الكراهية" وتبديد "الأخبار الكاذبة" على شبكة الإنترنت، تعمل وسائل الإعلام الحقيقية بحماسة كبيرة على الترويج لأي تركيبة قد تعثر عليها من النازيين الجدد، أو أنصار سيادة البيض، أو العنصريين، حتى إن المنظمات "الإعلامية" هذه ما عادت تملك أبواقاً لتعطيها إلى هؤلاء المجانين.تأتي تغطية شاملة ومتواصلة لتجمع عنصري ما في واشنطن بعد سنة فقط على قيام وسائل الإعلام بالمثل في شارلوتسفيل، حيث غالت في تسليط الضوء وشدت الكثير من الأعصاب، مما أدى إلى مقتل امرأة بريئة، فضلاً عن شرطيين كانا يحاولان حفظ الأمن.في المجتمع العاقل المتحضر يدرك الجميع ضرورة تجاهل الأشخاص الأشرار الفظين الذين ينشرون الكراهية، لا ترفيعهم وتسليط الضوء عليهم وتحليلهم. أتعرفون ما الأمر الوحيد الأكثر مللاً من الإصغاء إلى رجل مجنون غاضب ينفث سخافات عنصرية؟ الاستماع إلى شخصين مدللين من جيل رقائق الثلج يعملان في راديو الشعب الوطني وهما يحللان كلام رجل مجنون غاضب ينفث سخافات عنصرية.تشعر فعلاً أنك تزداد غباء وهما يتكلمان، ولا شك أنك لن تتمكن من استعادة خلايا الدماغ تلك التي تبددها، وفي هذه الأثناء تدلي كمالا هاريس، ممثلة لولاية كاليفورنيا الديمقراطية في مجلس الشيوخ ترجو الوصول إلى البيت الأبيض في عام 2020، بخطاب يؤيد انتشار استخدام "سياسات الهوية" التي يأمل الديمقراطيون استعمالها لاستعادة مجلسَي النواب والشيوخ."سياسات الهوية" مناورة لتقسيم الناس إلى مجموعات وفق "هويتهم"، مثل السود، والبيض، واللاتين، والآسيويين، والنساء، والمسلمين، وغيرهم، وبعد وضع كل مجموعة منهم في عربة القطار المخصصة لها، يُغذى الناخبون في كل عربة بالرسائل السياسية المصممة لعرقهم، أو دينهم، أو جنسهم بالتحديد.في الماضي كنا نستخدم مصطلحاً مختلفاً لهذه السياسات، وكنا ندعوها "عنصرية"، وكان الناس الأخيار في المجتمع المتحضر بأكلمه يرفضونها، ولا شك أن وسائل الإعلام اليوم أكثر انهماكاً في تغطية آخر تجمعات المجموعات العنصرية المتطرفة غير المناسبة لتخصص الانتباه الكافي لدفاع سيناتور أميركي حالي عن مناورات سياسية عنصرية في سباقه إلى البيت الأبيض.لربما تعمد شركة "فيسبوك" إلى إقفال موقعها الإلكتروني، إلا أنني لا أراهن على ذلك.* شارلز هورت*«واشنطن تايمز»