أساء لايل غولدستين في مقاله "يجب أن تكون الولايات المتحدة واقعية بشأن تايوان" قراءة تاريخ تايوان، وصوّر طموحات الصين التوسعية بأنها حميدة، وشدد عموماً على ضرورة أن تقوم واشنطن بما تقوله الصين لأنها تملك أسلحة، ولدعم هذه النقاط تجاهل وقائع مهمة ودعم حججاً مؤيدة لبكين فقدت اليوم مصداقيتها، فكتب غولدستين: "بالإضافة إلى العبارات المستهلكة ذاتها عن دعم الديمقراطية والاعتماد على الردع، لم يقدّم تشانغ أي وصفات سياسية محددة".سأكون، بروفيسور غولدستين، دقيقاً قدر الإمكان: على الرئيس الأميركي أن يعلن أن الولايات المتحدة ستعتبر أي اعتداء على تايوان اعتداء ضدها، ومن الضروري أن نعرض على تايوان بعد هذا الإعلان مباشرةً توقيع اتفاقية دفاع متبادل تشمل التزاماً بضرورة الدفاع على غرار المادة الخامسة.
يقدّم مسار العمل الواضح والحازم هذا للولايات المتحدة، والمنطقة، والعالم الفرصة الفضلى لتفادي الصراع المسلح مع الصين، فمن دونه يصبح الصراع عالي الاحتمال.يذكر غولدستين، وهو بروفيسور في الكلية الحربية البحرية، أنه إذا تحولت الصين في احتمال "مستبعد" إلى "دولة معتدية حقيقية"، فستُضطر واشنطن إلى رسم "خط أحمر دفاعي"، ويؤكد أن تايوان يجب أن تكون خارج هذا الخط.يذكّرنا موقف غولدستين بحدثين: أولاً، رسم وزير الخارجية الأميركي دين آتشيسون في شهر يناير عام 1950 علانية خط دفاع أحمر لم يشمل كوريا الجنوبية، وعندما لاحظ ماو تسي تونغ وجوزيف ستالين هذا الاستثناء، منحَا كيم إيل سونغ الضوء الأخضر لغزو الجنوب.أشار جوزيف بوسكو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في العاصمة واشنطن في مقالاته في هذه الصحيفة إلى أن الصين وكوريا الشمالية "لم تريا خطاً أحمر بل ضوءا أخضر".لكن غزو يونيو عام 1950 كان أكثر مما تستطيع مؤسسة السياسة الأميركية تحمله، بعدما كانت غير عابئة بخسارة الجنوب قبل أسابيع، وهكذا سارعت الولايات المتحدة غير المستعدة إلى الدفاع عن سيئول.إذاً، كانت الحرب التي ندعوها حرباً منسية غير ضرورية أيضاً، فما كان كيم ليحصل على موافقة موسكو وبكين لو أعلن آتشيسون أن كوريا تقع داخل دائرة الدفاع الأميركية، وتشكّل دعوة غولدستين إلى التخلي عن تايوان علانية اليوم النظري العصري لأحد أسوأ الأخطاء في تاريخ الدبلوماسية الأميركية، فقد دفع أكثر من 36 ألف أميركي ثمن مقاربة سياسية ينادي بها غولدستين اليوم.من المذهل أن غولدستين يريد اليوم أن يطبّق على تايوان مقاربة آتشيسون-غلاسبي إلى إدارة المعتدي. لكن الصين تخضع اليوم، للأسف، لحكم نظام مناضل، وكم من الحروب يجب أن نخوض في رأي بروفيسور الكلية الحربية البحرية قبل أن نرسم خطه الأحمر؟من الضروري رسم هذا الخط اليوم لحماية تايوان من بين دول أخرى. يقتبس غولدستين أقوال كيسنجر وأنا أيضاً.ذكر كيسنجر في كتابه "استعادة العالم: مترنيخ وكاستليرج ومشاكل السلام": "عندما يكون السلام، الذي يُعتبر تفادي الحرب، الهدف الرئيس لقوة أو مجموعة قوى، يصبح النظام الدولي تحت رحمة العضو الأكثر قسوة في المجتمع الدولي، ولكن عندما يقر النظام الدولي بأن بعض المبادئ غير قابل للنقاش، حتى من أجل السلام، يبدو الاستقرار القائم على توازن القوى ممكناً على الأقل".ربما يرغب غولدستين في الرضوخ لمطالب الصين ويصبح بالتالي تحت رحمة بكين، لكن هذه الفكرة ستؤدي بالتأكيد إلى كارثة.يتساءل البعض عما إذا كانت الحرب جزءاً لا يتجزأ من طبيعة الإنسان، وأعتقد أنها ليست كذلك.فالبشر يخوضون الحرب دورياً لأنها في جيناتهم بل لأنهم يقترفون الأخطاء عينها عندما يواجهون معتدٍ، دعوني أعبّر عن هذه الفكرة بطريقة أخرى، تبدأ الحرب لأن معتدين يقرؤون مقالات مثل مقالات لايل غولدستين ويظنون أنهم يستطيعون الحصول على ما يريدون.* غوردون تشانغ
مقالات - اضافات
لنتفادَ دعوة الصين إلى غزو تايوان
17-08-2018