شوشرة: طهروا أنفسكم
في هذه الأيام التي نردد جميعا فيها التلبية لبيت الله الحرام يتوافد ملايين المسلمين لأداء فريضة الحج التي تنشرح القلوب فيها، حيث يجتمع المسلمون هناك من مختلف الجنسيات، وهم يرتدون لباس الإحرام الذي لا يختلف فيه أحدٌ عن الآخر، فتشاهد الغني والفقير سواسية كأسنان المشط، لأن الأصل ثابت في ذلك، وهو نهاية كل شخص منا في قطعة بيضاء تغطي الجسم الذي سيكتسحه التراب لحين يوم الحساب. وفي هذه الأيام المباركة فرصة لكل فرد منا لمراجعة النفس ومعالجة الخطايا والذنوب وتصفية القلوب وتطهيرها، فلو بدأ كل شخص منا بمحاسبة نفسه دائما قبل محاسبة الآخرين لتم القضاء على جميع المشاكل والخلافات، لأننا غالبا ننظر إلى عيوب الناس ونترك عيوبنا، ومن يُمَس عيبه تقرع عنده على الفور صافرات الإنذار، ويبدأ بسرد بطولاته في النيل من الآخر، في الوقت الذي يبدأ هو بالإساءة لهم، فلو طبقنا جزءاً من النصائح التي نقدمها للآخرين على أنفسنا لأصبحنا مثاليين ومميزين.وإن الخطايا والذنوب البشرية أصبحت تتجاوز المسموح، فانتشر المثليون وغيرهم، فصاروا بكل فخر يسيرون بين الناس في أغلب الأماكن العامة، والمصيبة الكبرى بعض الفتيات «الصبيك» اللاتي لا يعطين اعتباراً لأحد، ويقمن بحركاتهن الاشمئزازية علنا، فهل تجاوز هؤلاء كل الحدود دون أن يواجهوا أي حساب؟
المأساة الأكبر والكارثة على المجتمعات أولئك الذين تجردوا من الغيرة أمام أسرهم، وفتحوا الأبواب بحجة الانفتاح والتقليد الأعمى لثقافات الآخرين، فالتجرد من قيمنا الإسلامية بات يشكل خطرا كبيرا على مجتمعاتنا، خصوصا من الجيل الحالي المنحصر في وسائل التواصل الاجتماعي التي يكتسب جوانبها السيئة أكثر من الإيجابية. وهناك بعض السذج الذين لم يجدوا من يتصدى لسلوكهم وخروجهم عن المسموح به، وذلك بحجة أن الواقع الحالي يرغمنا على ذلك، لأن الشارع يريد مثل هذه الأمور التافهة التي يقدمون عليها، وبالفعل هناك من يطبل لهم ويشجعهم ويتابعهم ويستمتع لاستماع السبّ والقذف الخادش للحياء لأنهم تناسوا كل القيم الإسلامية. وإن اختراع بعض المجرمين من مروجي المخدرات سموما جديدة بمواد مختلفة لتدمير مجتمعاتنا أصبح من أخطر الأمور التي تغزونا، وتساهم في تدمير أسر لا ذنب لها، وتشريد أبناء راحوا ضحية آباء أو أمهات وقعوا تحت سطوة هؤلاء المجرمين.إننا في هذه الأيام بحاجة ماسة لتطهير أنفسنا من الخبث واللؤم والإساءة لبعضنا، فالعودة إلى ديننا خير لنا جميعاً، لأنه حصانة لنا من السقوط في مستنقع الذنوب والاستمرار في الآثام التي لا تعدّ ولا تحصى.إننا أمام فرصة كبيرة ونحن نردد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، لنعالج ذنوبنا ونمسح السواد الأعظم الذي طغى على بعض القلوب، ونفتح جميع أبواب التسامح والتصالح.آخر الكلام: إذا فات الفوت ما ينفع الصوت».