فرقة «كركلا» أبهرت جمهور مهرجانات «بيبلوس»
قدمت عرض «فينيقيا الماضي الحاضر» بنكهة رحبانية وإسقاطات لبنانية
من مدينة جبيل مهد الأبجدية إلى أجواء التراث اللبناني، رافق جمهور مهرجانات بيبلوس الدولية مساء أمس الأول فرقة كركلا في رحلة غنائية راقصة بعنوان "فينيقيا الماضي الحاضر"، أعادت إلى الأذهان "نكهة" مسرح الأخوين رحباني باختيارها القرية نموذجاً رمزياً لانقسامات اللبنانيين وصراعاتهم.وحضر نحو أربعة آلاف شخص لمتابعة هذا العمل الفني المبهر مشهدياً الذي قدمته الفرقة في مناسبة يوبيلها الذهبي. وانقسم هذا العمل المسرحي الذي يضم نحو 85 ممثلاً وراقصاً، واستوحاه عبدالحليم كركلا من مدينة جبيل "بيبلوس" إلى فصلين. وكتب كركلا حوارات المسرحية وصمم الأزياء الغنية بألوانها وأقمشتها، في حين تولى إخراج العمل نجله إيفان كركلا، ووضعت الكوريغرافيا ابنته أليسار.
واعتمدت "فينيقيا الماضي الحاضر" على الحوارات الكلامية المغناة التي تكاملت مع اللوحات الراقصة، في حين شكلت الشاشة الخلفية نصف الدائرية عنصراً كوريغرافياً إضافياً، فلم يقتصر دورها على عرض مشاهد جامدة، بل بدت أحياناً امتداداً للخشبة، إذ إن التقنيات التحريكية جعلت الشخصيات المعروضة عليها ترقص هي الأخرى في بعض المشاهد، وكأنها جزء من الرقص الحي للفرقة على المسرح.وأعادت الشاشة في الفصل الاول إحياء القلعة والميناء الأثريين في مدينة جبيل. وفيما كانت أحرف الأبجدية الفينيقية وأصداف الموركس تتطاير على الشاشة نفسها، أطل ملك جبيل أحيرام بلباسه الذهبي البراق، محاطاً بالنساء والجنود الفينيقيين الذين بدوا وكأنهم جاءوا من كتب التاريخ. وكان الأداء الراقص معبراً تماماً عن أجواء تلك الحقبة من التاريخ. ولعل أجمل المشاهد وصول الملك الفرعوني رمسيس بعربته على الخشبة.وسرعان ما قفز المشهد إلى حقبة الضيعة اللبنانية ومشاكلها والصراع بين أهلها، في أجواء من التراث القروي اللبناني. وعلى غرار المسرح الرحباني، حفل العمل في هذا الجزء منه بإسقاطات على الواقع اللبناني الراهن، وتخللته شعارات على غرار "وين ما رحنا منرجع" و"لا أحد يلغي أحداً". وأدى الأدوار التمثيلية والغنائية ممثلون باتوا من ثوابت مسرح كركلا كهدى حداد وغبريال يمين ورفعت طربيه، إضافة إلى جوزف عازار. وبرز حضور الممثل الجزائري هشام مغريش الذي يتعاون للمرة الثالثة مع فرقة كركلا، وقد أدى دور فضلو، العريس الثري الذي هربت منه عروسه لأنه قزم.
الفلكلور اللبناني
أما الفصل الثاني، فتميز بأجواء رومانسية ولوحات من الفلكلور اللبناني. وللمرة الأولى دخلت "الراب"، موسيقى ورقصاً، إلى مسرح كركلا، إلى جانب الدلعونا والهوارة. وقاد اللوحة الأخيرة عميد الفرقة عمر كركلا، وباتت إطلالته تقليداً في مسرحيات كركلا.وكانت الفرقة قدمت قبل عامين "إبحار في الزمن: على طريق الحرير" في قلعة بعلبك بمناسبة العيد الستين لـ"مهرجانات بعلبك الدولية".وأسس عبدالحليم كركلا، إبن مدينة بعلبك (شرق لبنان)، الفرقة عام 1968 مع نحو 12 راقصاً، وقدم باكورة أعماله فيها عام 1972. وتضم فرقة كركلا اليوم أكثر من 100 فرد، من بينهم نحو 45 راقصاً لبنانياً وأجنبياً. وفي سجلها نحو 17 عملاً فنياً.وتستمر مهرجانات بيبلوس الدولية حتى 24 أغسطس وفي برنامجها ايضا حفلة للفنانة اليونانية نانا موسكوري وتحية إلى الموسيقي المصري سيد درويش.