يمكننا تقديم أدلة كثيرة على أنه يفي بوعوده الاقتصادية بالاستناد إلى بعض التطورات الاقتصادية المفاجئة وغير المتوقعة عموماً. عبّر نائب الرئيس مايك بانس عن هذا الواقع بإيجاز قائلاً: "الأدلة واضحة: عادت الولايات المتحدة"، وأضاف: "لم يحدث ذلك مصادفة".يشير بنس وغيره من مؤيدي ترامب إلى ارتفاع نمو الاقتصاد الكلي، فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي معدلاً سنوياً عالياً جداً مع 4.1% خلال الربع الثاني، علماً أنه نما هذه السنة بأكثر من 3%، في المقابل تراجعت البطالة إلى 3.9% في شهر يوليو، كذلك ازداد مؤشر الأسهم S&P500 بنسبة 6% خلال عهد ترامب فيما تراجعت أسواق الأسهم الأخرى حول العالم بنحو 6%، ولا شك أن هذه أرقام تتفاخر بها أي إدارة حديثة.
لكن الأكثر بروزاً الميول الإيجابية بين مجموعات فرعية ما كانت تحقق أداء جيداً قبل استلام ترامب زمام السلطة، يذكر كبير المستشارين الاقتصاديين في إدارة أوباما جايسون فورمان أن "نمو الأجور الأخير... عند الطرف الأدنى من معيار الأجور كان الأقوى"، خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنة بالأجور الأعلى. على نحو مماثل، يشير كونور سين، صحافي في بلومبيرغ ومدير محافظ، إلى نقطة أن نمو الوظائف كان أكبر بين "العمال المنتجين للسلع والعمال الأقل تعليماً".يوضح سين أيضاً أن معدل البطالة بين شبان الألفية الجديدة (مَن لم يتخطوا الخامسة والعشرين من العمر) يبلغ 5.1% فقط، علماً أن هذه هي النسبة الدنيا منذ بدأت الحكومة بقياس هذا المعدل في عام 1994، وداعاً لكنبة الأهل في الطابق السفلي! كذلك تراجعت البطالة بين السود إلى 6.5% وبين المتحدرين من أصول لاتينية إلى 4.6% في شهر يونيو، وهاتان النسبتان الأكثر انخفاضاً من عام 1994، حين بدأت الحكومة بتتبع هذه الأرقام.علاوة على ذلك، تتوسع القوة العاملة مع 600 ألف وافد جديد في شهر يونيو، حسبما يذكر الخبير الاقتصادي في الجامعة الأميركية إيفان كرافت، وفي الوقت عينه بدأت أعداد المسجلين في جداول مَن يعانون إعاقة تتراجع، ويسعى أرباب العمل الذين يملكون وظائف يدوية بجد لملء الشواغر، متخلين عن متطلبات التعليم ومتبعين نصيحة السياسيين الليبراليين والمحافظين بشأن منح فرصة للسجناء السابقين الذين أنهوا مدة حبسهم، كما يؤكد آرون رين من معهد مانهاتن.تاريخياً، اعتاد المرشحون الديمقراطيون التعهد بتأمين فرص العمل للأقل حظوة، وخصوصاً الأقليات العرقية ومَن ينتمون إلى أسر تفتقر إلى التعليم الجامعي، لكن آخر الرؤساء الديمقراطيين ركّزوا، على غرار آخر الرؤساء الجمهوريين، النمو الاقتصادي بين الميسورين، الأكثر تعليماً، والأفضل وضعاً.صحيح أن دعوة المرشح ترامب إلى "جعل الولايات المتحدة عظيمة مجدداً" بدت غير محددة، إلا أنها اعتُبرت وعداً لتقديم نتائج مختلفة أفضل لطبقات المجتمع الدنيا، وهذا كان الهدف منها، فقد تحدث ترامب مطولاً عن إعادة فتح المصانع، وتعزيز قطاع التصنيع، وتشجيع نمو الوظائف اليدوية.كاستراتيجية اقتصادية، بدا أن هذه الخطوة تتجاهل بهذا الشكل التقرب من الأقليات وتعتمد على جزء من القاعدة الناخبة يتقلص لا محالة، لكنه لم يتقلص كفاية (وأُسيء تقدير حجمه باستمرار، كما برهن نات كون من صحيفة "نيويورك تايمز") ليمنع ترامب من سلب أوباما مئة صوت انتخابي في فلوريدا، وبنسيلفانيا، وأوهايو، وميشيغان، وويسكونسن، وأيوا، وماين.يبدو اليوم أن ترامب يبني الاقتصاد الذي وعد به مع توجيه النمو نحو الطبقات الدنيا (بمن فيهم البيض والمتحدرون من أصول لاتينية) لا العليا، مع تراجع عدم المساواة الاقتصادية، ومع امتداد النمو إلى مناطق لم ترَ نمواً يُذكر منذ عقود. هل تتذكر أي وسيلة إعلام رئيسة أو اقتصادية ليبرالية توقع نتائج مماثلة؟إذاً، قد لا يكون ما نشهده محاولة للوفاء بالوعود بل مجرد ضربة حظ، ولا شك أنك تستطيع قول المثل (مجرد ضربة حظ) عن الأصوات المئة الانتخابية التي استهدفها ترامب وفاز بها، ولكن بعد فترة، لا يسعك إلا أن تتوقف وتتساءل.* مايكل بارون* «ذي إكزامينر»
مقالات
إما يفي ترامب بوعوده الاقتصادية أو يحالفه الحظ
19-08-2018