لا لتطبيع ترامب أكاديميا
ينبغي للجامعات أن تتمسك بحرية التحقيق والاستيضاح والاستجواب، وأن تعلي قيم الديمقراطية الليبرالية، ويتطلب تعزيز هذه الحرية التبادل والتفاعل بلا عوائق مع وجهات نظر ترامب، في حين يتطلب إعلاء قيم الديمقراطية الليبرالية معايرة المشاركة بعناية.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
وأولئك الذين يخدمون معه ملوثون بالتجربة بالضرورة، إذ يعمل شركاء ترامب المقربون والمعينون السياسيون على تمكينه، بصرف النظر عن مناقبهم الشخصية وإلى أي مدى يحاولون فصل أنفسهم عن تصريحات ترامب. ويبدو أن صفات مثل "الذكاء"، و"الفعالية"، و"النزاهة"، و"الزمالة"- وهي الكلمات التي استخدمها ويليام جيه. أنثولز، مدير مركز ميلر، لتبرير تعيين شورت- لا تحكم تصرفاتهم إلا قليلا عندما يُستَخدَمون لتعزيز أجندة سياسية غير ليبرالية.تمتد الوصمة إلى ما هو أبعد من النشطاء السياسيين وتغطي صناع السياسات الاقتصادية أيضا، إذ يتقاسم أعضاء مجلس وزراء ترامب والمعينون رفيعو المستوى المسؤولية الجمعية عن دعم هذه الرئاسة المشينة، وهم يستحقون الخزي والهوان ليس فقط لأنهم يحملون وجهات نظر منحرفة، ولنقل بشأن العجز التجاري أو العلاقات التجارية مع الصين، بل أيضا، وهو الأمر الأكثر أهمية، لأن استمرارهم في الخدمة يجعلهم متواطئين بشكل كامل مع سلوك ترامب.ولهذا، يتعين على المؤسسات الأكاديمية أن تسلك مسارا ضيقا، فلا يمكنها أن تدير ظهرها لترامب وحاشيته، ولا أن تتجاهل وجهات نظرهم، لأنها خلافا لذلك تخنق المناقشة والحوار، وهذا يتعارض مع كل القيم التي تمثلها الجامعات، وكمسألة براغماتية، فإن هذا من شأنه أيضا أن يعطي نتائج عكسية، من خلال إعطاء معسكر ترامب فرصة أخرى لتشويه سمعة "النخبة الليبرالية".لكن قواعد الاشتباك الواضحة ضرورية، والمبدأ الأكثر أهمية الذي يجب التمسك به هو التمييز بين سماع شخص ما وتكريمه، وينبغي أن تكون دائرة ترامب المقربة وكبار المعينين من قِبَله موضع ترحيب في المناقشة والحوار، ولابد من التعامل معهم بطريقة متحضرة إذا ظهروا، ولكن لا ينبغي منحهم تلك الدرجة من الاحترام أو الاهتمام التي تستحقها أقدميتهم ومناصبهم الحكومية عادة، فنحن في نهاية المطاف لسنا أمام إدارة طبيعية تستحق التكريم.وهذا يعني عدم منحهم ألقابا شرفية (مثل زميل، أو كبير زملاء)، أو السماح لهم بإلقاء محاضرات منتظمة، أو خطبا رئيسة تعنون لمؤتمرات أو أحداث، ورغم أن أعضاء هيئة التدريس كأفراد والمجموعات الطلابية ينبغي لها أن تتمتع بحرية دعوة المعينين من ترامب للتحدث داخل الحرم الجامعي، فإن مثل هذه الدعوات كقاعدة لا ينبغي أن تصدر عن مسؤولين كبار في الجامعة. كما ينبغي للمحاضرات والاستعراضات أن توفر دائما الفرصة للمساءلة والمناقشة والاستجواب بقوة. في غياب التفاعل الثنائي الاتجاه، لا وجود للتعلم أو الفهم؛ بل لا يتبقى غير الوعظ، ولا ينبغي أبدا الترحيب بالمسؤولين الإداريين الذين يريدون ببساطة الإدلاء ببيان والتهرب من الاستجواب البحثي.ربما يرى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المتعاطفون مع ترامب مثل هذه الممارسات على أنها تمييزية، ولكن لا يوجد تعارض بين تشجيع حرية التعبير وتبادل الآراء، وهو ما تهدف هذه القواعد إلى دعمه، وبين حرص الجامعة على عرض قيمها الخاصة بوضوح.تتمتع الجامعات، مثلها كمثل المؤسسات الأخرى، بحق تقرير ممارساتها بما يتفق مع قيمها، وربما تتباعد هذه الممارسات عما ترغب مجموعات فرعية معينة داخلها في رؤيته، إما لأنها قيم متنافسة أو بسبب وجود اختلافات حول الجوانب العملية المتصلة بكيفية تحقيقها.على سبيل المثال، ربما يعتقد بعض الطلاب أن المتطلبات الخاصة بدورة دراسية بعينها صارمة أكثر مما ينبغي أو أن الامتحانات مضيعة للوقت، وتسمح الجامعات بالمناقشة الحرة حول مثل هذه الأمور. لكنها تحتفظ بالحق في وضع القواعد بشأن متطلبات التركيز والامتحانات، وفي القيام بذلك ترسل الجامعات إشارة مهمة لبقية المجتمع حول فلسفة التعليم والقيم التربوية، ولا يختلف عن ذلك السماح بالمناقشة الكاملة لرئاسة ترامب، مع رفض تكريمها في الوقت ذاته.وينبغي للجامعات أن تتمسك بحرية التحقيق والاستيضاح والاستجواب، وأن تعلي قيم الديمقراطية الليبرالية، ويتطلب تعزيز هذه الحرية التبادل والتفاعل بلا عوائق مع وجهات نظر ترامب، في حين يتطلب إعلاء قيم الديمقراطية الليبرالية معايرة المشاركة بعناية، ولكن مع عدم إظهار أي قدر من التكريم أو الاعتراف بمن يخدمون إدارة تنتهك بشكل صارخ معايير الديمقراطية الليبرالية.* داني رودريك* أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي في كلية جون ف. كينيدي في جامعة هارفارد، وهو مؤلف كتاب "حديث صريح عن التجارة: أفكار من أجل اقتصاد عالمي عاقل".«بروجيكت سنديكيت، 2018» بالاتفاق مع «الجريدة»