في أجواء غير مستقرة غلب عليها الحر الشديد، توافد حجاج بيت الله الحرام، صباح أمس، الموافق التاسع من شهر ذي الحجة، إلى مشعر عرفات للوقوف فيه وقضاء يوم عرفة وتأدية ركن الحج الأكبر. وأدّى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة، اقتداء بالسنة النبوية.
وانطلق الحجاج، الذين ارتدى الرجال منهم لباس الإحرام الأبيض، من مشعر منى حيث قضوا ليلتهم، باتجاه عرفة وجبل الرحمة، قاطعين مسافة ست كيلومترات سيراً أو بواسطة الحافلات أو قطار المشاعر، لأداء الركن الأعظم من مناسكهم وألسنتهم لا تكاد تتوقف عن التلبية.وبحسب الأرقام الرسمية النهائية للهيئة العامة للإحصاء، أمس، فإن عدد المشاركين في أكبر التجمعات الدينية لهذا العام بلغ أكثر من 2.3 مليون حاج، وصلوا من مختلف بقاع الأرض.
الملك سلمان يتكفل بنفقات الهدي لـ 5400 حاج
قرر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، التكفل بنفقات الهدي لجميع الحجاج المستضافين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة لهذا العام، والبالغ عددهم 5400 حاج وحاجة ينتمون لـ95 دولة من مختلف قارات العالم.وأعلن وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على برنامج الحج والعمرة الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، أن «هذه المكرمة شملت جميع المستضافين في البرنامج، من بينهم ذوو شهداء فلسطين، وشهداء الجيش والشرطة المصرية، وأهالي شهداء ومصابي الجيش السوداني والجيش الوطني اليمني المشارك في عاصفتي الحزم وإعادة الأمل، إضافة إلى ضيوف البرنامج العام القادمين من أكثر من 90 دولة من مختلف قارات العالم».
وبعد الوقوف في عرفة، نزل الحجاج إلى منطقة مزدلفة فيما يعرف بالنفرة، لجمع الحصى لاستخدامها في الشعيرة الثالثة المتمثلة برمي جمرات العقبة الكبرى. وفي اليوم الأول من عيد الأضحى، يقدم الحجاج الأضاحي ويبدأون شعيرة رمي الجمرات في مشعر منى.وأطلقت السلطات السعودية هذا العام مبادرة «حج ذكي» يتمثّل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية، مرورا بمناسك الحج.ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق «أسعفني» لمساعدة الحجاج، الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة، وتحديد مكانهم باستخدامه. كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق «مناسكنا» للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الإنكليزية.تصعيد الحجاج
وأكدت وكالة الأنباء الرسمية (واس) أن وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير عبدالعزيز بن سعود ومستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل تابعا عملية تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات، ووجّها بتوفير أفضل الخدمات ليؤدي ضيوف الرحمن النسك وهم آمنين مطمئنين.وأشارت «واس» إلى انتشار رجال الأمن والمرور والدفاع المدني والحرس الوطني والكشافة وغيرها من الجهات الحكومية المساندة بكثافة عبر مواقعهم المعدة لتنظيم حركة السير ومساعدة ضيوف الرحمن، في حين حلقت الطائرات العمودية فوق الطرقات التي سلكها ضيوف الرحمن لمتابعة رحلتهم إلى مشعر عرفات وفق خطة الحركة المرورية والترتيبات المساندة لسلامة الحجاج.وأكدت الجاهزية التامة لمختلف القطاعات الحكومية السعودية العاملة في خدمة الحجاج والتي وفرت مختلف الخدمات الطبية والإسعافية والتموينية لخدمة الحجاج ورعايتهم في مشعر عرفات.ويملك مشعر عرفات، الذي هيأته المملكة لاستخدامه يوما واحدا فقط، بنية متكاملة من الخدمات في جميع القطاعات التقنية، والصحية، والبنية التحتية، بما يجعله قادرا على أداء هذه الخدمات طوال العام، كأي مدينة متطورة في العالم، كما لو كان مسكونا طوال العام، لكن عرفات هي «مدينة اليوم الواحد».«الصحة» تحذر من أمواسالحلاقة المستعملة
حذرت وزارة الصحة حجاج بيت الله الحرام من استخدام أمواس الحلاقة التي تستخدم أكثر من مرة، للحد من انتقال بعض الأمراض المعدية، بما فيها التهاب الكبد الفيروسي «ب» و»ج» وغيرها.ودعت ضيوف الرحمن إلى أخذ الحيطة والحذر عند حلاقة شعر الرأس بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، ويفضل حمل كل حاج لأدواته الخاصة التي تستخدم أثناء الحلاقة لضمان حلاقة آمنة ونظيفة.
خطة النفرة
إلى ذلك، أعدت قيادة أمن الحج لشؤون المرور ممثلة في قيادة مرور مشعر عرفات، خطة لتنظيم نفرة الحجاج باتجاه مشعر مزدلفة مع غروب شمس أمس.ويعد مشعر مزدلفة ثالث المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجيج، ويقع بين مشعري منى وعرفات ويبيت الحجاج فيه بعد نفرتهم من عرفات، ثم يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا ويجمعون منها الحصى لرمي الجمرات في مشعر منى اليوم، وفي أيام التشريق الثلاثة.ويمكث حجاج بيت الله الحرام في مشعر مزدلفة حتى صباح اليوم الموافق عيد الأضحى ليفيضوا بعد ذلك إلى مشعر منى.خالد الفيصل
وخلال مؤتمر صحافي ثمن فيه جهود رجال الأمن في خدمة ضيوف بيت الله الحرام وهنأ خلاله القيادة والأمة وحجاج بيت الله الحرام، أكد خالد الفيصل، أمس الأول، أن العالم شاهد هذه الوفود ويلمس بالفعل من يمثلون «رسالة الإسلام» في جميع تصرفاتهم وتمنياتهم ودعواتهم الخالصة.وقال الفيصل، في مقر إمارة منطقة مكة المكرمة بمنى، «لم أشهد تغطية إعلامية مثل هذا العام، عن الحشود وتفويجها بهذا النجاح العظيم»، مضيفاً أن «العالم يعترف بأن السعودية لديها الإمكانات الإدارية والسياسية والمادية بأن تجعل من هذه الرحلة الإيمانية رحلة ممتعة».تهجم وعرقلة
واعتبر أمير مكة أن «التهجم على السعودية لن يعرقل خدمة الحجيج، والقيادة تبذل قصارى جهدها لخدمتهم»، مؤكداً أن «المملكة لا تعرف المستحيل في ذلك وتبذل قصارى جهدها لهم».وتناول الفيصل إحصائيات وردت حتى اليوم الثامن من ذي الحجة وأبرزها ضبط 160 حملة حج وهمية، والقبض على نحو 546 ألف مخالف لأنظمة الحج والعمرة وإعادة ما يقارب 232 ألف مركبة مخالفة، مشيراً إلى أن عدد حجاج إيران بلغ 86 ألفاً ووصل 300 حاج قطري عبر الكويت لأداء المناسك.وذكر أن أحمال الشركة السعودية للكهرباء قدرت لموسم حج هذا العام بـ 17.8 ميغاواط، كما تم تنفيذ 13 مشروعا جديدا لتعزيز الكهرباء خلال موسم الحج الحالي، في حين ضخت شركة المياه الوطنية 40 مليون متر مكعب من المياه في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.وأضاف الفيصل أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أعلنت عن تهيئة أكثر من 23 ألف مهندس وموظف ومراقب وعامل نظافة للعمل في حج هذا العام، في حين بلغ إجمالي القوى العاملة العسكرية والمدنية والفرق التطوعية لخدمة الحجيج أكثر من 250 ألف شخص.95 مليون وجبة وعبوة مياهوألبان وعصائر للحجاج
أشرفت وزارة التجارة والاستثمار في السعودية على دخول المواد التموينية إلى المشاعر المقدسة؛ منى، وعرفات، ومزدلفة.ووقفت الوزارة خلال الأيام الخمسة الماضية على دخول أكثر من 43 مليون عبوة مياه معبأة، وأكثر من 35 مليون عبوة مرطبات وعصائر وحليب وألبان، و13 مليون رغيف خبز ومعجنات، و4 ملايين وجبة غذائية جاهزة، بعد أن تأكدت من سلامتها للاستهلاك الآدمي.