دعوات للجيش بعدم طاعة أوامر ترامب عند الأزمات
وقع 13 من القادة السابقين في البنتاغون ووكالة الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي رسالة ضد الرئيس ترامب، ولمصلحة حرية الخطاب وتطبيق العدالة، ولم يسبق لهم أن وجهوا أي انتقاد للسلوك السياسي للقائد الأعلى في الجيش أثناء وجوده في البيت الأبيض.
بعثت مجموعات من كبار قادة الجيش والاستخبارات السابقين في الولايات المتحدة برسائل إلى القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات الأميركية للتفكير مرتين قبل تنفيذ أوامر الرئيس دونالد ترامب في زمن الأزمات.يذكر أن قادة الجيش وأجهزة الاستخبارات يحاولون في أوقات الأزمات وضع خلافاتهم جانباً والعمل معاً من أجل تحقيق مصلحة الولايات المتحدة، وهذا ما يحدث اليوم مع مجموعة رفيعة من الحنرالات والأدميرالات وكبار مسؤولي الاستخبارات المتقاعدين الذين انضموا إلى شريحة الرافضين، وأبلغوا الرئيس الأميركي عبر العديد من الكلمات والصيغ أنه ليس ملكاً.وقد وقع 13 من القادة السابقين في البنتاغون ووكالة الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي رسالة ضد الرئيس ترامب، ولمصلحة حرية الخطاب وتطبيق العدالة، وكان هؤلاء القادة خدموا في إدارات سابقة تعود إلى عهد الرئيس ريتشارد نيكسون– ولم يسبق لهم أن وجهوا أي انتقاد للسلوك السياسي للقائد الأعلى في الجيش أثناء وجوده في البيت الأبيض– حتى الوقت الراهن.
وقالت الرسالة المشار إليها «لم يسبق أن شهدنا موافقة أو إطاحة قادة أمنيين تستخدم على شكل أداة سياسية كما هي الحال في الوقت الراهن».وشجب القادة قيام ترامب بإقالة جون برينان، وهو مدير جهاز الاستخبارات في عهد الرئيس السابق باراك أوباما انتقاماً منه على دوره في التحقيق في محاولة روسيا التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، التي يضطلع بها الآن روبرت مولر، كما أن آخر محاولة قام بها ترامب لمعاقبة أو إسكات كل من له علاقة بهذه المسألة– إضافة إلى أشد نقاده في الحياة السياسية– لن تكون الأخيرة.وعمد ترامب أولاً إلى ملاحقة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لديه جيمس كومي ونائب وزير العدل سالي يتس ثم استهدف برينان، والآن جاء دور بروس أوهر المسؤول السابق في وزارة العدل الذي تم توجيه الاتهام له بالتآمر من قبل جناح اليمين، وسيفقد وظيفته إذا لم يتمكن من إثبات براءته، وقد يأتي غداً دور جيمس كلابر وهو مدير سابق للاستخبارات الوطنية الأميركية، ومن الواضح أن شخصيات أخرى ستكون على الطريق.
هدف الرئيس
ويهدف ترامب إلى التخلص من أعدائه الحقيقيين والوهميين، وخصوصاً كل من له علاقة بالتحقيق في اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. كانت قائمة الموقعين على رسالة للدفاع عن برينان طويلة ولافتة، واشتملت على ضباط من ذوي الخبرة والمعرفة، ولم أتوقع قط أن توقع على مثل تلك الرسالة شخصية مثل وليم إتش وبستر الذي بلغ اليوم الخامسة والتسعين من العمر، وخدم تسع سنوات مديراً لمكتب التحقيقات الفدرالي في عهد الرئيسين جيمي كارتر ورونالد ريغان، ثم أربع سنوات أخرى مديراً لوكالة المخابرات المركزية في عهد ريغان وجورج إتش دبليو بوش، وينسحب هذا على روبرت غيتس الذي خدم في تلك الوكالة في عهد الرئيسين ليندون جونسون وجورج إتش دبليو بوش ثم وزيراً للدفاع في عهد جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وهذه نوعية متميزة من الرجال في واشنطن.وكان نص الرسالة لافتاً أيضاً، وقد تضمنت ما يلي: «ليس عليكم الموافقة على ما يقوله جون برينان كي توافقوا على حقه فيما يقول وفقاً لالتزامه بحماية المعلومات السرية، ونحن لم يسبق لنا أن شهدنا خطوات إقالة أمنية تستخدم على شكل أداة سياسية، كما هي الحال في هذه القضية». وقد بعث الرئيس بإشارة «إلى المسؤولين الآخرين السابقين والحاليين» للابتعاد عن تصريحات تنتقده، وتلك الإشارة غير ملائمة ومدعاة للأسف العميق».وخلصت الرسالة الى القول «إن القرارات المتعلقة بالجوانب الأمنية يجب أن تستند الى مخاوف أمنية لا وجهات نظر سياسية».وفي رسالة منفصلة من 6 فقرات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأسبوع الماضي تحدى الأدميرال المتقاعد وليم إتش ماك رافن، وهو رئيس قيادة العمليات الخاصة خلال عملية قتل أسامة بن لادن في سنة 2011، تحدى الرئيس ترامب أن يتراجع عن خطواته الأمنية قائلاً «إذا كنت تعتقد للحظة واحدة أن تكتيكاتك التي تعود الى الزمن المكارثي ستقمع أصوات الانتقاد فأنت مخطئ بصورة محزنة».اتهام برينان بالخيانة
كان من الواضح أن حملات برينان العنيفة السياسية والشخصية أزعجت أنصار الصين في البيت الأبيض، وقد اتهم الرئيس ترامب السيد برينان بجريمة «انتقاد الملك»، وهي ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى، واللافت أن هذا الإرث الذي يعود إلى الزمن الذي كان يضفي السمة الرفيعة على الملوك لا يزال موجوداً في بعض الدول الأوروبية والعربية، حيث يعتبر انتقاد العرش عملية إرهابية، لكن ذلك لا يعتبر جريمة في الولايات المتحدة، ولذلك قمنا بثورة على ملك مجنون.وطوال تسعة أشهر حتى الآن كان الرئيس ترامب يتحدث بعنف عن «الدولة العميقة» التي يرى أنها تمثل زمرة أو حلقة من القادة الحاليين والسابقين في مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات المركزية، تهدف إلى النيل منه عن طريق التسريبات والأكاذيب، ولا توجد دولة عميقة في الولايات المتحدة، على الأقل منذ وفاة ادغار هوفر في سنة 1972 قبل ستة أسابيع من تفجر قضية ووترغيت. ولكن بالنسبة إلى تفكير دونالد ترامب فإن أي مجموعة من الضباط المتقاعدين إذا استطاعت القيام بدور حكومة ظل لتنفيذ انقلاب صامت فإنها ستتكون من رجال من أمثال بيل ماك رافن وبوب غيتس، وهؤلاء الرجال عملوا في عهد الرئيسين أوباما وريغان أيضاً.وأنت لست في حاجة الى حلقة لحل الشيفرة السرية من أجل رؤية ما يحدث هنا، فعلى سبيل المثال فإن جون برينان الذي يعرف ما يتحدث عنه يعتقد أن الرئيس ترامب يشكل خطراً على أمن الولايات المتحدة؛ خطراً استخبارياً معاكساً، لاسيما خضوعه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد حمل ترامب على برينان وحجب عنه إمكانية الوصول إلى المعلومات السرية، وتقدم قادة الأمن الوطني للدفاع عنه إضافة إلى ضباط الاستخبارات والمحققين الفدراليين.ومن هذا المنطلق فقد وجهوا رسالة الى الجنرالات والجنود وعناصر الاستخبارات في الخدمة الفعلية طالبين منهم أن يتذكروا القسم الذي أدوه عن حماية الدستور الأميركي والدفاع عنه في وجه كل الأعداء في الخارج والداخل، كما دعوهم الى التفكير مرتين قبل تنفيذ أوامر هذا الرجل في وقت الأزمات.
قادة الجيش وأجهزة الاستخبارات يحاولون في الأزمات وضع خلافاتهم جانباً والعمل معاً لتحقيق مصلحة الولايات المتحدة