لليوم الثاني على التوالي، هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعنف، وزير العدل جيف سيشنز، الذي قام بخطوة نادرة تمثّلت في الرد على انتقادات الرئيس، وتأكيده الاستعداد لمقاومة الضغوط السياسية.وفي سلسلة تغريدات في وقت مبكر أمس، استخدم ترامب عبارات من بيان أصدره سيشنز أمس الأول، وفسر على أنه يتضمن هجوما مبطنا على الرئيس الذي سبق أن انتقده بسبب تنحيه عن التحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات.
وكتب ترامب: «وزارة العدل لن تتأثر بالاعتبارات السياسية. جيف هذا عظيم، وما يريده الجميع، لذا أنظر في كل الفساد بالجانب الآخر».ثم عدد ما قال إنه أمثلة على ذلك، كرسائل هيلاري كلينتون البريدية التي تم محوها، وما وصفه بأكاذيب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق، جيمس كومي، وما قال ترامب إنه تضارب في المصالح لدى روبرت مولر، المحقق الخاص في ملف التدخل الروسي.وفي تغريدة لاحقة، عدد ترامب أمورا أخرى قال إن على سيشنز التحقيق فيها، ومنها ملف يتردد أنه يحتوي على فضائح جنسية متعلقة بترامب، وكذلك ما قال الرئيس الجمهوري إنه مراقبة غير قانونية لحملته في فترة الرئيس السابق باراك أوباما.وكتب ترامب: «هيا جيف، يمكنك القيام بذلك، البلاد تنتظر».وفي وقت سابق، أكد ترامب، أمس الأول أن «الجميع يرون ما يحدث في وزارة العدل». وأضاف: «أصبحت الآن أضع كلمة العدل بين قوسين».وينتقد ترامب باستمرار سيشنز بسبب تنحيه عن التحقيق الفدرالي في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، الذي توسع ليشمل التواطؤ وعرقلة عمل القضاء، إضافة الى التعاملات المالية لمساعدي ترامب.وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الإخبارية، قال ترامب: «عينت وزيرا للعدل لم يتمكن من السيطرة أبدا على وزارته»، مما أثار تكهنات بأنه سيعزله ويعين بديلا آخر له.
رد جاف
وبعد ساعات صدر رد جاف عن وزير العدل قال فيه: «طالما أشغل منصب وزير العدل، لن تتأثر الوزارة بالاعتبارات السياسية، وأطالب بأعلى المعايير، وحين لا تتوافر، أتحرك».وقال سيشنز (71 عاما) في بيان، إنه تولى السيطرة على الوزارة عندما حلف اليمين الدستورية، الأمر الذي أدى إلى «نجاح لا نظير له» في تطبيق الوزارة لأجندة ترامب.وأكد: «أطالب بتحقيق أعلى أداء للوزارة، وإن لم يتحقق في مكان ما منها، فسأتخذ إجراءات مقابل ذلك، غير أنه لا توجد أمة تتمتع بوجود مجموعة من المحققين والمدعين العامين بهذه المواهب والاضطلاع بالعمل مثل ما تتمتع به الولايات المتحدة».وكان سيشنز بصفته أعلى مدع في أميركا يتمتع بالإشراف على مكتب التحقيقات الاتحادي (FBI)، وبهذا كان مسؤولا عن التحقيق الذي قام به المحقق الخاص روبرت مولر في شأن روسيا، لكنه ابتعد عن القضية مخافة اتهامه بالمحاباة.إقالة محتملة
وأعلن نواب من الحزب الجمهوري أنهم لن يصادقوا على تعيين وزير جديد في حال إقالة سيشنز. وقال السيناتور بن ساسي إن «طرد وزير العدل سيكون فكرة سيئة جدا جدا، لأنه ليس أداة سياسية».وتحدث ترامب على «فوكس نيوز» عن قضية احتمال إقالته، وهو إجراء تلتقي فيه السياسة والقانون.وقال ترامب في وقت سابق إنه في حال فوز الديمقراطيين بالغالبية في الكونغرس بانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، فسيبدأون بإجراءات عزله من منصبه، و«سيلي ذلك انهيار أسواق المال في الولايات المتحدة». وتجرى الإقالة على مرحلتين: فعلى مجلس النواب أولا التصويت على اتهام الرئيس، ثم يقوم مجلس الشيوخ بمحاكمته من أجل إدانته بغالبية الثلثين، أو تبرئته.لكن هذه الغالبية بدأت تعود إلى الواقع، على ما يبدو، منذ أن أكد مايكل كوهين المحامي الشخصي لترامب أنه اشترى صمت امرأتين كانتا تقيمان علاقات مع ترامب، وبناء على طلب موكله، حتى لا تؤثران على حملته الانتخابية في 2016.انتفاضة جولياني
وفي كل الأحوال نفى رودي جولياني المحامي الشخصي لدونالد ترامب، بشكل قاطع، احتمال إقالة ترامب.وقال لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية: «لم يكن على تواطؤ مع الروس ولم يعرقل عمل القضاء. كل ما قاله كوهين تم نفيه. لن تتم إقالته، إذا حدث ذلك، إلا لأسباب سياسية والشعب الأميركي سيتمرد وسيثور ويقوم بانتفاضة».إلى ذلك، قال جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه حذر نظيره الروسي من التدخل في الانتخابات الأميركية التي تجرى في نوفمبر. وأضاف بعد محادثات أجراها في جنيف مع مدير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف: «أوضحت أننا لن نسمح بالتدخل في انتخابات 2018، وأننا مستعدون لاتخاذ الخطوات الضرورية لمنع ذلك».عقوبة قياسية
وفي سياق متصل، حُكم على الموظفة السابقة مع وكالة الأمن القومي، رياليتي وينر، بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر، وهي عقوبة غير مسبوقة على كشفها تقريراً سرياً للغاية حول عمليات القرصنة الروسية المفترضة أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016.وسارت رياليتي، وهي أول شخص يُحكم عليه بموجب قانون التجسس منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، بذلك على خطى إدوارد سنودن وتشيلسي مانينغ، اللذين يرى مؤيدوهما أنهما كشفا معلومات مفيدة للرأي العام، بينما يعتبرهما منتقدوهما «خائنين».