حنا مينه عاش مع البسطاء واستلهم منهم رواياته

• الأديب السوري أول من أضاء على حياة البحارة والأفق المقفل في ظل القمع

نشر في 26-08-2018
آخر تحديث 26-08-2018 | 00:02
حنا مينه
حنا مينه
عندما بلغ الثمانين من عمره، نشر الأديب السوري حنا مينه وصيته طالباً فيها عند وفاته أن يُحمل إلى مثواه الأخير بتواضع كلي وألا تقام له حفلات التأبين وألا يُحكى عنه في الإعلام... هذه الوصية تنمّ بشكل واضح عن شخصية هذا الأديب السوري المتواضعة والبسيطة، رغم أنه أحد عمالقة الرواية في سورية والوطن العربي، وعاش طوال حياته بين شخصيات رواياته وقصصه المستمدة من الناس العاديين والبحارة، محملاً إياها الهمّ الإنساني الغائص تحت نير الظلم، كيف لا وقد وقف في وجه الاستعمار الفرنسي ولم يبلغ الثانية عشرة من عمره بعد.
خلافاً لوصيته لم يمرّ رحيل الأديب السوري حنا مينه في 21 أغسطس الجاري مرور الكرام في الإعلام، فنعته المنتديات الثقافية واتحادات الكتاب في الدول العربية، مع أنه كتب في وصيته أن ما سيقال عنه بعد وفاته سمعه في حياته ولا حاجة إلى تكراره. هذه الحياة التي اتسمت بظروف بالغة القساوة فرضت عليه التنقل بين أوروبا والصين سنوات طويلة ثم عاد إلى سورية واستقرّ فيها، ولا شك في أن هذه الظروف فضلاً عن شخصيته التي نمت معه بالفطرة وتميزت بالعصامية والصدق، جعلت أدبه يتسم بالحقيقة والصدق.

لقاء مع الحياة

شكل التاسع من مارس 1924 لقاء حنا مينه الأول مع الحياة في اللاذقية، فتفتحت عيناه للمرة الأولى على جمال هذه المدينة التي عشقها بجبالها وبحرها. كان الكفاح عنوان طفولته، وميناء اللاذقية ملعبه حيث عمل حمَّالاً، وعندما شبّ بعض الشيء عمل بحاراً في السفن والمراكب، من هنا تركيزه في معظم نتاجه الأدبي على تصوير البحر والبحارة، فكتب روايات وقصصاً يصف فيها حياة البحارة في مدينة اللاذقية وصراعهم على متن المراكب والسفن ومع أخطار البحر، وذلك بأسلوب ينبض بالصدق والعمق والمعاناة والكفاح والواقعية والحب والجمال.

أوصله حبه للقلم إلى العمل كصحافي ثم كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، إلى موظف في الحكومة، إلى روائي. بداية تدرج في كتابة عرائض للحكومة، ثم مقالات وأخبار للصحف في سورية ولبنان. وتطور إلى كتابة قصص قصيرة راح ينشرها في الصحف السورية.

بعد نيل سورية استقلالها استقرّ في دمشق وانخرط في العمل الصحافي في جريدة «الإنشاء» في دمشق وتدرّج فيها حتى أصبح رئيس تحريرها. عشق المسرح وكتب مسرحية وحيدة في حياته إلا أنها لم تبصر النور، وله أكثر من 40 رواية طويلة أولها «المصابيح الزرق» (1954)، وقد تحولت روايات كثيرة له إلى مسلسلات سورية وأفلام سينمائية.

جوائز ونشاطات

عام 1951، أسهم في تأسيس رابطة الكتاب السوريين، والتي كان من أعضائها: مواهب كيالي، وحسيب كيالي، ومصطفى الحلاج، وصلاح دهني... نظمت الرابطة عام 1954 المؤتمر الأول للكتّاب العرب وكان لحنا مينه دور كبير في التواصل مع الكتَّاب العرب. كذلك أسهم عام 1969 في تأسيس «اتحاد الكتاب العرب».

نال جائزة سلطان العويس للرواية (الدورة الأولى 1992)، وجائزة محمد زفزاف للرواية ـــ مهرجان أصيلة (المغرب- 2010).

نقلت روايته «المصابيح الزرق» إلى التلفزيون، مع المخرج فهد ميري، و{الشراع والعاصفة» إلى السينما بتوقيع المخرج غسان شميط عام 2012.

حنا مينه أب لخمسة أولاد، بينهم شابان، هما سليم الذي توفي في الخمسينيات في ظروف النضال والحرمان والشقاء، والآخر سعد، أصغر أولاده، وهو ممثل معروف شارك في بطولة المسلسل التلفزيوني «نهاية رجل شجاع» المأخوذ عن رواية والده. وثلاث شابات: سلوى (طبيبة)، وسوسن (متخصصة في الأدب الفرنسي)، وأمل (مهندسة مدنية).

الظلم والقيم

صوّر حنا مينه في مؤلفاته حياة الناس البسطاء وكيفية مواجهة المجتمع الحروب والأزمات، والانتصار على الطبيعة القاسية وقوة الإرادة البشرية والمغامرة. ونادى بالقيم والنخوة العربية وذكّر بالشجاعة المنسية في حضن الانهزام وركز على حوار الحضارات... وقد روى في نتاجه مراحل من سيرته الذاتية لذلك لم يكتب مذكراته. وقد تُرجمَت رواياته إلى 17 لغة.

من أبرز مؤلفاته: المصابيح الزرق، رواية، 1954. الشراع والعاصفة، رواية، 1966. الثلج يأتي من النافذة، رواية، 1969. ناظم حكمت وقضايا أدبية وفكرية، سيرة ودراسة، 1971. الشمس في يوم غائم، رواية، 1973. الياطر، رواية، 1975. بقايا صور، رواية، 1975. الأبنوسة البيضاء، مجموعة قصصية، 1976. من يذكر تلك الأيام، مجموعة قصصية بالاشتراك مع د. نجاح العطار، 1976. أدب الحرب، دراسة بالاشتراك مع د. نجاح العطار، 1976. المستنقع، رواية، 1977. ناظم حكمت: السجن– المرأة– الحياة، دراسة، 1978. ناظم حكمت ثائراً، دراسة، 1980. المرصد، رواية، 1980. حكاية بحار، رواية، 1981. الدَّقل، رواية، 1982. هواجس في التجربة الروائية، خواطر وتأملات، 1982. المرفأ البعيد، رواية، 1983. الربيع والخريف، رواية، 1984. مأساة ديميتريو، رواية، 1985. القطاف، رواية، 1986. كيف حملت القلم، مجموعة مقالات وحوارات، 1986. حمامة زرقاء في السحب، رواية، 1988. نهاية رجل شجاع، رواية، 1989. الولاعة، رواية، 1990. فوق الجبل وتحت الثلج، رواية، 1991. الرحيل عند الغروب، رواية، 1992. النجوم تحاكم القمر، رواية، 1993. القمر في المحاق، رواية، 1994.حدث في بياتخو، رواية، 1995. المرأة ذات الثوب الأسود، رواية، 1996.عروس الموجة السوداء، رواية، 1996. المغامرة الأخيرة، رواية، 1996. الرجل الذي يكره نفسه، رواية، 1998. الفم الكرزي، رواية، 1999. القصة والدلالة الفكرية، دراسة، 2000. حارة الشحادين، رواية، 2000. صراع امرأتين، رواية، 2001. البحر والسفينة وهي، رواية، 2002. حين مات النهد، رواية، 2003. شرف قاطع طريق، رواية، 2004. الذئب الأسود، رواية، 2005. الأرقش والغجرية، رواية، 2006. هل تعرف دمشق يا سيدي، مجموعة مقالات.

ميناء اللاذقية كان ملعبه حيث عمل حمَّالاً ثم بحاراً
back to top