الإفصاحات التصحيحية، تشهدها البورصة يومياً بالعشرات، وأصبح أمراً مألوفاً ومعتاداً أن تقدم شركة كبرى مدرجة في السوق إفصاحاً عن بيانات مالية أو صفقة أو غيرها ببيانات مغلوطة وغير دقيقة، حتى أن بنوكاً تقع في مثل هذا المأزق.والسؤال هنا: هل تتولى البورصة وهيئة أسواق المال بالنيابة عن الشركات تقديم الإفصاحات؟ وإلى متى سيكون مستثمرو البورصة هم ضحايا تلك الإفصاحات الخاطئة من دون رادع؟
الأمر بحسب مصادر مراقبة، لم يعد مقتصراً على الأخطاء فحسب، بل عادت معه نغمة إهمال الإفصاحات من جانب الشركات بالتأخير العمد في التعاطي مع المعلومات الجوهرية، أو الإفصاحات "المأخوذ خيرها" بعد أن تكون انتشرت المعلومات يميناً ويساراً، وأثرت على اتجاهات الأسهم سلباً وإيجاباً تبدأ الشركة في التحرك، علماً أنه حسب نصوص اللائحة التنفيذية على الشركة النفي أو التأكيد بوضوح وعلى وجه السرعة.وللعلم فإن بعض الشركات أيضاً باتت تعتمد على تساؤلات الجهات الرقابية ممثلة في هيئة أسواق المال، إذا ما طلبت الهيئة إفصاحاً فيكون، وإذا لم تطلب فإن الشركة تتقاعس، علماً أن الشركة عليها مسؤولية جسيمة في هذا الملف. مصادر مالية واستثمارية تشير إلى أنه مطلوب إعادة ضبط ذلك الملف من جديد ووضع ضوابط أكثر صرامة لتحقيق المزيد من التقدم على صعيد ملف الشفافية والعدالة في نشر المعلومات والبيانات للمستثمرين. عملياً، بورصة الكويت على بعد نحو أقل من 35 يوماً لدخول المرحلة الأولى من مؤشر "فوتسي"، وكل الآمال معلقة على هذا الإنجاز الذي حققته هيئة أسواق المال خلال الفترة الماضية بعد جهود كبيرة ومضنية، علماً أن مسؤولية الشركات وانضباطها وتحسن أوضاعها المالية وممارساتها في هذا الملف ستعزز وزن وحظوظ وحضور سوق الكويت بنسب ومستويات أكثر في الشرائح التالية عند المراجعة المستقبلية. بالتالي فإن ملف إفصاحات الشركات يجب أن يؤخذ على محمل الجد، وإعادة النظر في تحديد الأوقات الزمنية بحيث تقدم الشركة إفصاحاً من بداية التخارج أو فور الدخول في أي مفاوضات جادة وأن تقدم إعلانات أولية ومبدئية تشير فيها إلى أن هناك مشروعاً أو مناقصة أو تخارجاً أو ربحاً متوقعاً، وفي حال إتمام تلك الصفقة فسيتم الإعلان عن التفاصيل بحيث يتم ترك الخيار للمستثمر بعيداً عن الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تساق هنا وهناك من المضاربين والمروجين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لبعض المعلومات غير الدقيقة لأنهم خارج إطار المراقبة والمحاسبة.على صعيد الصفقات الخاصة في البورصة، يلاحظ ثمة قصور أيضاً في الشفافية، فهناك شركات تفصح عن الطرف المشتري والطرف البائع، وهناك شركات تخفي المشتري والبائع ، فهل المزاجية تحكم هذا الأمر؟ علماً أن المسطرة يجب أن تكون واحدة على جميع الصفقات.هناك شركات لديها معلومات جوهرية ومؤثرة على النتائج المالية، وتعلن كيفما يحلو لها أو تقرر، علماً أن مبدأ الإدراج بحد ذاته مسؤولية والتزام على مجلس الإدارة، والشركة بمجرد الإدراج تخرج من عباءة الشركة الخاصة إلى شركة عامة. توجد شركات تعلن عن بيانات مالية رابحة في الربع الأول وتعلن ذات الشركة في الربع الثاني خسارة دون تقديم أي مبررات للمساهمين عبر البورصة عن أسباب تراجع الأرباح أو الخسارة.وهناك شركات تستثمر في الخارج وتقع استثماراتها تحت مؤثرات ولا تطمئن المستثمرين عن طبيعة استثماراتها أو مصيرها، علماً أنه أقل الحقوق ومن البديهيات كالتزام أمام السوق المالي. وهناك كيانات مدرجة كبرى تستخدم بعض منصات التواصل وغيرها في اختبار وجس نبض السوق عموماً والجهات الرقابية، وهو ما يجب أن يخضع للمساءلة حتى يتم الارتقاء بالسوق وحماية المستثمرين. وأخيراً بعد التطوير، الذي شهده السوق المالي والتقدم الكبير تشريعياً وتنظيمياً، يجب أن تكون الشركات عند قدر المسؤولية وتمارس أفضل الممارسات، التي تتطلع لها الهيئة والبورصة وهي محاكاة الممارسات العالمية في الأسواق المتقدمة. فمن المستحيل أن تقوم الهيئة والبورصة بدور الشركات في هذا الملف.
اقتصاد
أخطاء جوهرية في إفصاحات الشركات المدرجة... والضحية المستثمرون
26-08-2018