أول العمود: لو تعاملنا مع خطابات الكراهية في الكويت بمثل ما تعرض له وزير خارجية بريطانيا الأسبق بوريس جونسون في إهانته للنقاب، لما استمر السياسيون عندنا في تأجيج الخلافات وضرب مكونات المجتمع بين الحين والآخر.***
هل حدث لك أن تحرص على متابعة برنامج حواري لسبب غير تقليدي، وهو حُبك للمذيع أو المحاور بغض النظر عن الضيف لأنه مضمون الجودة بسبب احترام المحاور لك كمشاهد؟ في ظني أن هذه الحالة لو حدثت فإننا، لا شك، أمام شخصية إعلامية لها حضور طاغٍ وحس ونبض تخرج من الشاشة وتصل إلى قلبك مباشرة، وتنتظر طلة هذا المذيع حسب توقيت بث برنامجه.شخصيا أدمنت متابعة برنامج "باب الخلق" على قناة النهار المصرية للمحاور والصحافي ذي النكهة الجميلة في الكلام والإيماءات، وبعيداً عن أهمية ما يطرحه محمود سعد من قضايا تهمّ الناس البسطاء بطريقة تلقائية فإن حسه المرهف يزيد من جمال البرنامج، ويحرك في ضيوفه نبضهم ودموعهم، في "باب الخلق" كنز لا يمكن أن يعبر عنه كتاب أو رواية أو عمل صحافي. البرنامج يساهم لمن يشاهده في تعريف الشعوب العربية بتفاصيل حياة المصريين اليومية بكل دقة، ويسهم في تلاقي قلوب المشاهدين العرب مع إخوانهم المصريين. فهل بعد هذا من فوز؟ الفقر والعوز، والمثابرة (المعافرة)، والنجاحات، والإخفاقات، والدموع والابتسامات هي ما ينقله زميلنا سعد عبر الشاشة، نتعرف من خلاله على طبيعة الناس في صحراء سيوه، وحقول الياسمين، وبورسعيد ودمياط، شاهدت كيف يناطح الناس هناك الحياة من خلال مهن لا تخطر على بال، إحداهن تمتهن تسنين المقصات والسكاكين، وقد شق الدولاب الكهربائي يدها ذات مرة وهي في السبعين من عمرها! وآخرون فقدوا حاسة الشم والتذوق من عملهم في البناء بسبب استنشاق المواد الكيماوية في ظل ظروف عمل مأساوية. الشاهد هنا، أن أمثال محمود سعد، مع حفظ الألقاب، هم من يستحقون الظهور على الشاشة، لأنهم يدخلون طواعية وبطيب نفس في بيوتنا، وحتى لا أكون قاسيا على مذيعينا في الكويت، لأنهم في النهاية مُكبلون ومُقيدون بمحظورات قانونية وربما مجتمعية، لكنني أتساءل: لماذا لا تُطرح أحوال نزلاء دور الرعاية الاجتماعية، وغير محددي الجنسية، ومآسي التعليم، ومناطق تكدس العمالة والمتاجرة بها؟ ليس في مصر وحدها مشاكل يمكن تداولها إعلامياً بذكاء وعلى طريقة "باب الخلق"، فكل مجتمع لديه همومه، وتلك بعض همومنا التي لا يتعرض لها إعلامنا. من الشخصيات المحاورة الأخرى التي أحرص على متابعتها أيضا بسبب شخصية المحاور كل من جيزيل خوري وريكاردو كرم عبر برامجهما المختلفة، وهما قيمة مضافة للإعلام العربي الهادف، فجيزيل أيقونة في الإعلام الحواري، لها طعم مختلف بمفرداتها وتساؤلاتها، وكذلك ريكاردو، فهو ساحر الكلمة يدخل عليك بطريقة مباغتة رغم هدوئه الطاغي، ولا ننسى غابي لطيف، زهرة إذاعة مونتكارلو.ظاهرة المحاور الجذاب والذكي تستحق الاحترام، لأن ذكاءه ونفسه يحملان البرنامج ويسعفانه، على عكس المحاور التقليدي الذي يمكن أن يكون جيداً لكنه لا يستطيع تقديم شيء إن لم يُحسن اختيار الضيف.في الكويت تقترب بقوة المحاورة إيمان نجم من ظاهرة المذيع الجذاب من خلال برامجها المنوعة الجميلة في تلفزيون الكويت، فتحية لها.
مقالات
نبض المُحاوِر والمذيع
26-08-2018