ابقوا على أرضكم... رحمكم الله
بينما كان العالم يرقب الأيام المباركة لأداء المسلمين فريضة الحج التي يحرم خلالها إيذاء الروح والنبات، ويمنع فيها القتال، وترتفع في سمائها أصوات التكبير، يأبى نفر من الضالين أو المستأجرين إلا أن يشوهوا الإسلام، مظهراً ومضموناً، عبر حوادث مشبوهة، كما حدث خلال الأسبوع الماضي في برشلونة الإسبانية، وكذلك حادثة مدينة تراب الفرنسية المتصلة برجُل مدرج على لوائح الإرهاب، وغالباً ما يكون مرتكبو تلك الحوادث أشخاصاً بالشكل النمطي للأصولي الملتحي الذي يقوم بعمل إرهابي، وهو يصيح بعبارات التكبير التي تختصر جوهر الإسلام ومضمونه.مدينة برشلونة الإسبانية من أكثر المدن الأوروبية تسامحاً مع المهاجرين العرب والمسلمين الأفارقة، إذ إن تعديل الوضع القانوني للمهاجر المخالف أسهل بكثير من أي مدينة أوروبية أخرى، وفرنسا أيضاً رغم تاريخها الاستعماري القبيح فإنها تُؤمن ملاذاً للملايين من العرب والمسلمين، ولكن هؤلاء المجرمين يتنقلون لتخريب كل بيئة يجد فيها المهاجر العربي والمسلم ملجأ من ظلم وفساد أوطانهم والكوارث التي تحل ببعضها.
سيحدثك الأصولي المغرر به أو الأداة عن المقاومة ومحاربة من يستغل ثرواته ويحتل أرضه، وهو كلام من "الهذر" غير المفيد وغير الصحيح، فالفيتناميون حاربوا الأميركيين على أرضهم بأسنانهم وأظفارهم، وكانوا يواجهون قنابل النابالم الحارقة وأعتى أسلحة أميركا العظمى في مدنهم وحقولهم، ويقاتلون أميركا تحت الأرض ومن فوقها وثبتوا على أرضهم، وأيضاً الكوريون خلال الاحتلال الياباني، وثوار أميركا اللاتينية.بينما بعض العرب يتركون أرضهم ويرحلون إلى الحدود، عند أول طلقة أو سقوط قذيفة، ليمكنوا للأقلية أن تنتصر وتسيطر، ثم يتباكون على أوطانهم، وأيضاً عندما يستبد الحاكم وينتشر الفساد وسرقة ثروات البلد يستنكف ويهاب أغلب العرب مقاومته على أرضهم ويرحل إلى المهجر، ليرفع سكيناً ليقتل شرطياً أو يفتح النار على مدنيين في مسرح، أو يدهس جمعاً من الأطفال في مكان عام!في الأرجنتين وكوريا الجنوبية وتشيلي، واجهت الشعوب الطغاة والحكم العسكري والفاسدين، وكان بعضهم بمساندة الولايات المتحدة والغرب، لكن الشعوب انتصرت، إلا عندنا؛ يتركون أرضهم وبيوتهم ويذهبون إلى بلدان المهجر، ليحرروا أوطانهم من هناك عبر حوادث إجرامية لن تغيّر شيئاً سوى أنها تزيد صعوبة مأزق المسلمين الحالي، وتزيد تشويه الدين الإسلامي العظيم.