عليهم فسادهم وعليك إنكاره وإصلاح شؤونك
على المرء السوي والمواطن الصالح والمسلم الصحيح أن يحمل في قلبه السعي للرزق الحلال له ولمن يعول، وأن يحمل في قلبه الإخلاص لأهله ولمجتمعه ولوطنه، وأن يربي أبناءه على ذلك وأن يسعى إلى محاربة الفساد صغيره وكبيره بقدر طاقته.
يخلط بعض الناس كثيراً بين قصص الفساد المحلية التي تغمرنا كل يوم وليلة، وبين ما يجب القيام به لأنفسنا وأهلنا ووطننا، قصص الفساد الإداري والمالي، الرشا والاختلاسات، الغش والتزوير، فساد سياسي، فساد من الأفراد والتجمعات، فساد من النواب والوزراء، التلاعب بالمناقصات والعقود، سرقة المناصب القيادية من الكفاءات وتوزيعها على أصحاب الولاءات الدنيئة، النفاق والاصطفاف مع الأطراف المتصارعة، كل هذه الأمور وأمور أخرى سيئة يعيشها المواطن يومياً مع الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي الفاضحة جعلت البعض يعتقد أن هذا هو الوضع الطبيعي لحياة الإنسان في يومه وعطائه لوطنه.هذا الاعتقاد الخطير أصبح مدعاة للبعض ليس في السكوت عن محاربة الفساد، بل تطور بهم الحال للمشاركة في هذا الفساد واتخاذ مسلك الفاسدين نفسه في كل ما يمكنه الاحتيال عليه في الدولة، فهو مستعد للغش في الدراسة وشراء الشهادة العلمية والاحتيال على بصمة الدوام وتزوير الحالة الصحية للتهرب من العمل أو التقاعد المبكر أو مزايا المعاقين أو الفهلوة في الحصول على أي منصب أو مال ومكافأة وتفرغ وانتداب وخدمة تقدمها الدولة لمن يستحقها بأي طريقة كانت، باختصار هو يرى فساد الآخرين مبرراً لفساده لأنه يظن أن فساده أصغر.
يجب تصحيح هذه المفاهيم الكارثية، ولا بد أن يتذكر كل واحد فينا أن «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ»، وأن نتذكر أن «الحلال بيّن والحرام بيّن»، وأن سرقات المجرمين وظلمهم للآخرين وفسادهم بالغش والتزوير وثرواتهم الباطلة وراحتهم المزعومة في الحرام لن تدوم، وأن لهم يوماً قريباً سيندمون فيه على كل ما تلطخت به أياديهم مما لم يستحقوه، وأن فساد الكبار ليس عذراً لفساد الصغار، فكل إنسان سيحاسب على ما جنته يداه في الدنيا.على المرء السوي والمواطن الصالح والمسلم الصحيح أن يحمل في قلبه السعي للرزق الحلال له ولمن يعول، وأن يحمل في قلبه الإخلاص لأهله ولمجتمعه ولوطنه، وأن يربي أبناءه على ذلك وأن يسعى إلى محاربة الفساد صغيره وكبيره بقدر طاقته؛ مطبقاً الحديث النبوي الشريف «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، وإنه من الضلال البيّن أن ينحرف بعض الناس بيننا هذه الأيام عن تلك القيم الشرعية العظيمة ويشرع مبدأ فاسداً لنفسه وكأنه يقول من رأى منكم منكراً فليشارك فيه أو ليقلده أو ليدافع عنه، ومن فعل ذلك فو الله قد هلك وخسر في الدنيا والآخرة. اتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في الكويت. والله الموفق.