فرح شخصي ناقص!
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
وكما يُقال باللهجة الكويتية: "عساكم من عايد العيد". فليس أقل من تمنيات قلبية طيبة وصادقة.في كل عيد، ولا أدري لماذا هو كذلك، يحضر فرح العيد ليضعني في لحظة انتظار وتأمل لمعنى فرح مختلف. فرح يتجاوز المعايدة ولقاء الأحبة وترديد جُمل المعايدة. أهمس بي: هناك فرح آخر تترقبه نفسي وتحلم بالوصول إليه. فاحتفال الإنسان بمناسبة فرح عام يشارك به الأمة شيء، ومعايشته لفرح شخصي يعصف به ويهز قلبه شيء آخر. وكم يصعب معرفة كنه ذاك الفرح الشخصي المنتظر، ليس بالنسبة لي، ولكن بالنسبة لجميع البشر.البعض يظل لسنين يعتقد أن فرحه يتحقق بلقاء مال، قلَّ أو كَثُر، وحين يتحقق له كسب المال يكتشف أنه لم يحقق فرحه، ويتلفت باحثاً عن فرح مختلف. وهناك من يربط فرحه بالوصول إلى محبوب، وحين يحتضن قربه تسعد روحه، لكنه ينتبه لترقب أفراح أخرى، وقد ينكشف له شأن آخر، ويتيقن أنه لم يكن محقاً في اعتقاده واختياره، وربما هذا واحد من أهم أسباب الطلاق. وثالث يركض ليل نهار، ويضحي بالغالي والرخيص لنيل منصب، وسرعان ما يحترق بنار المنصب، ويكون وبالاً عليه متى وصل إليه. ورابع وخامس وسادس وسابع و.. و.. و.. كلٌ يسير خلف حلمٍ ملوّن يسكن خياله ليل نهار، متصوراً أن فرح حياته سيكون لحظة وصوله وقطفه لذلك الحلم، ويخيب ظنه وينكسر لحظة لقائه بحلمه الموعود.كأن فرح كل نفس سراب عيش تعتاش عليه وتحيا به. وكأن البشر، كلٌ على حدة، يسيرون وراء حلم فرح يلوّن لحظتهم، ويسير بهم من يوم إلى آخر، ومن موقع إلى ثانٍ، وأظن أنه بذلك تتحقق مقادير الحياة وأقدارها، ونعيش أعمارنا نلامس نتفة فرح تبلل عطش أرواحنا ونركض وراء أخرى.علمتني الحياة أن الفرح فرحان؛ فرح تحقق حلم كبير نسير إليه، وهذا شيء مشروع ومهم لعيش وهمة الإنسان، وهناك أفراح صغيرة يومية يتوجب علينا تعلم اصطيادها وعيش لحظتها، فهي وحدها تضيف ألقاً لعيشنا، وهي التي ترسم الابتسامة على وجوهنا، وتجعلنا أكثر قدرة على عيش الحياة، للوصول إلى الفرح الحلم الكبير الذي سنبقى نسير نحوه طوال حياتنا.الفرح شيء شخصي، لكن فيه جانبا عاما، فهناك أناس تفرح أرواحهم لفرح وسرور العامة والوطن، وتخيب وتحزن لانكسار الوطن وحزنه ووجعه. الفرح الشخصي ناقص والوطن يعيش مأساة وحرب ودم وموت، الفرح الشخصي ناقص والآخر يتعذب ويصرخ ويعاني، الفرح ناقص وذاك شأنه الأهم وسيبقى.