مايك بومبيو يواجه لحظة الحقيقة في مسألة كوريا الشمالية
يتبع وزير الخارجية مايك بومبيو مسعى جريئاً ومحفوفاً بالمخاطر بغية تنشيط الجهود الدبلوماسية مع كوريا الشمالية التي تتقدم بصعوبة كبيرة مع خطاب بيونغ يانغ الذي يزداد عدائية، ويتفاقم الاستياء داخل إدارة ترامب مع مناقشة المسؤولين مدى سوء الوضع وكيفية معالجته.عندما يصل بومبيو إلى بيونغ يانغ بعد أيام مصطحباً معه مبعوثه الخاص المعين حديثاً ستيفن بيغان، سيتعرض لضغط كبير ليقدم أدلة ملموسة تثبت أن دبلوماسيته تحقق نتائج فعلية، وإذا أخفقت رحلة بومبيو فسيُطالب المشككون داخل الإدارة وفي مختلف أوساط واشنطن بتبديل التكتيكات بغية الإقرار بواقع أن القائد الكوري الشمالي كيم يونغ أون لا يلتزم بوعوده؛ لذلك تُعتبر هذه الرحلة الأكثر أهمية في مسيرة بومبيو الدبلوماسية.رغم تفاؤل ترامب العلني يعرب في المجالس الخاصة عن استيائه من الدعاية السلبية المحيطة بدبلوماسيته بشأن كوريا الشمالية، حسبما يذكر مسؤولون في الإدارة، كذلك عبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن "قلق كبير" في تقريرها الجديد، مشيرةً إلى أن بيونغ يانغ تواصل تطوير قدراتها النووية رغم تعهد كيم بنزع أسلحته النووية.
علاوة على ذلك أصدرت وزارة الخارجية في كوريا الشمالية بياناً لامت فيه "مسؤولين رفيعي الشأن" في إدارة ترامب على "معارضتهم نوايا ترامب" بانتقادهم عدم تحقيق نظام كيم التقدم، ويؤكد المسؤولون أن هدف رحلة بومبيو الرئيس عكس التراجع، ووضع الدبلوماسية على مسار إيجابي، وإسكات النقاد في واشنطن وبيونغ يانغ.لكن بومبيو لا يملك أدوات كثيرة ليحصل على المزيد من التنازلات من كيم، وإذا سلك درباً متشدداً، يخاطر في تقويض المفاوضات برمتها، واستباقاً لرحلة بومبيو بعث ترامب برسالة إلى كيم، ولكن حتى قرار توجيه الرسالة تحوّل إلى مصدر خلاف داخل فريق ترامب.سبق أن أعلنت إدارة ترامب فرض عقوبات محدودة على الشركات الصينية والروسية التي تساعد نظام كيم في التملص من العقوبات، إلا أن بعض المسؤولين يريدون أن يتبنى ترامب موقفاً علنياً أكثر تشدداً رداً على سوء سلوك كيم، ويعجز فريق ترامب عن الاتفاق حتى على مدى خطورة الوضع. يوضح مسؤول بارز في الإدارة: "لم تصمَّم العملية التي نشهدها اليوم لقياس مدى التقدم الذي نحققه بل مدى الضرر الذي نحدثه".لا شك أن هذا الضياع يصعّب على بومبيو مهمة عكس التراجع في الدبلوماسية من دون أن يملك أي جديد ليقدمه. انتهت رحلته الأخيرة إلى بيونغ يانغ بالفشل حين رفض كيم لقاءه وسارع الكوريون الشماليون إلى استهدافه ما إن غادر، لذلك من الضروري أن يقدّم إنجازاً ما علانية هذه المرة كي يثبت للشعب، ومنتقديه داخل الإدارة، والرئيس أن الدبلوماسية ليست بالسوء الذي تبدو عليه.إذا أخفقت هذه الرحلة فسيسعى النقاد داخل الإدارة وبعض أعضاء الكونغرس إلى ممارسة المزيد من الضغط على كوريا الشمالية، وفرض عدد أكبر من العقوبات، واستئناف التدريبات العسكرية الأميركية-الكورية الجنوبية، وتبني تدابير أخرى، وذلك بغية التأكيد لكيم أنه لا يستطيع السخرية من الولايات المتحدة. أما الحجة التي تعارض هذه التدابير فتشدد على أنها ستحدث شرخاً في الائتلاف الأميركي-الكوري الجنوبي وتعرض العملية برمتها للانهيار مع تحمل الحكومة الأميركية المسؤولية.رغم ذلك، ثمة مؤشرات إيجابية. صحيح أن بيغان ليس خبيراً في الشؤون الكورية الشمالية بحد ذاتها، إلا أنه دبلوماسي محترف واسع الخبرة سيضفي نوعاً من الانتظام، حسبما نأمل، على المفاوضات الأميركية مع بيونغ يانغ، ولا شك أن سفر وزير الخارجية إلى الجانب الآخر من العالم في كل مرة تقع مشكلة ليس ملائماً، وربما يعمل بومبيو أيضاً على زوايا أخرى نجهلها.لكن المشكلة الأساسية في خطة ترامب-كيم ما زالت قائمة: إلى أن نملك أدلة ملموسة على أن كيم مستعد حقاً لنزع أسلحته النووية، يدعم كل تنازل استراتيجيته التي ترتكز على المماطلة لكسب الوقت، والتخفيف من الضغط المالي، وإرساء مكانة نظامه كدولة نووية بحكم الواقع.بخلاف ترامب لم يذكر بومبيو مطلقاً أنه يعتقد أن كيم صادق، بل أكّد ضرورة أن تمتحن الولايات المتحدة صدقه، وشارف الوقت المتاح لكوريا الشمالية لتجتاز هذا الامتحان أو تخفق فيه على نهايته، وينبغي لبومبيو ألا يعود من رحلته الرابعة إلى بيونغ يانغ خالي الوفاض.* «جوش روجين»